تخطى إلى المحتوى

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. مَن يَهْدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

صدق الإيمان وواجب الاقتداء بأمهات المؤمنين

أما بعد:

أيتها الأخوات المُستمِعات، نسأل الله ​​​​​​​ جميعًا أن يجعل كلامنا هذا مقبولًا، وأن ينفع به الجميع؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه. فإن المسلم هو الذي يستفيد من كلام الله ، كما قال الله عن المؤمنين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[الأنفال:2].

هؤلاء هم المؤمنون، سواءٌ أكانوا رجالًا أو نساءً، صغارًا أو كبارًا، إذا سمعوا الله يقول: افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا؛ فإنهم يمتثلون أمر الله ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].

أيتها الأخوات المؤمنات، إنَّ المسلمة في هذا الزمان -وفي كل زمانٍ حتى تلقى الله - هي التي تُحافظ على أوامر الله، وتبتعد عما حرَّم الله، وتمتثل ما أمر الله به، وتقوم بجميع الأوامر، وتبتعد عن المُحرَّمات؛ ولذلك بيَّن الله ذلك في كتابه العزيز، ونادى المؤمنات نداءً عظيمًا، فقال تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ۝ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:32- 33].

هذا هو الجزاء العظيم، وهذه هي الصفة العظيمة التي أمر الله بها تبارك وتعالى نساءَ النبي عليه الصلاة والسلام. ومَن يقول منَّا أو مِن الناس بأن نساءنا وبناتنا أفضلُ من أزواج النبي ؟! كلا؛ بل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هُنَّ أطهر النساء على وجه الأرض إلى يوم القيامة.

ثم قال الله بعد ذلك: وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33]، طاعة الله فيما أمر به، والابتعاد عما حرَّم تبارك وتعالى، هذه الواجبة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ.

الصفات العشر للمؤمنين والمؤمنات

ثم بيَّن الله ذلك في كتابه العزيز، بيَّن الله صفات المؤمنين وصفات المؤمنات. جاءت امرأةٌ إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: "يا رسول الله، ما لنا لا نُذكَر في القرآن كما يُذكَر الرجال؟"، فسكت النبي ، ثم بعد ذلك أنزل الله في كتابه العزيز قولَه : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35][1].

الله أكبر، الله أكبر! هذه الصفات العشر مَن اتصفت بها من المسلمات ومن المؤمنات فهي صفاتٌ عظيمةٌ بيَّنها الله في كتابه.

الإسلام والإيمان: طاعة الظاهر ومراقبة الباطن

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [الأحزاب:35]، المسلمون الذين يحافظون على الصلوات، ويحافظون على صومهم، ويحافظون على ما أوجب الله عليهم من صلاةٍ ومن صدقةٍ ومن مراقبةٍ لله ، والمؤمنون هم الذين يراقبون الله في السر والعلن؛ يعلم بأن الله يراه، وتعلم بأن الله يراها، إذا كانت في الغرفة المُظلِمة، وكان الهاتف بجانبها أو تحت يدها، ثم أرادت أن تتكلم أو ترد على إنسانٍ مُجرمٍ؛ فإنها تعلم بأن الله الذي لا إله إلا هو يراها ويسمع كلامها تبارك وتعالى.

إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تَقُلْ خَلَوْتُ، ولكنْ قُل: عليَّ رقيبُ
فلا تحسبنَّ اللهَ يَغفُلُ ساعةً ولا أنَّ ما يَخْفَى عليهِ يَغِيبُ[2]

اعلم بأن الله تبارك وتعالى يراقبك أيها المسلم، وأيتها المسلمة. يقول بعض القائلين أو بعض الشعراء:

وإذا خلوتَ برِيبةٍ في ظُلمةٍ والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيانِ
 فاستَحْيِ مِن نَظَرِ الإلهِ وقُل لها: إنَّ الذي خَلَقَ الظلامَ يراني[3]

فالمسلم المؤمن هو الذي يراقب الله في السر والعلن، إذا كان في غرفة مُظلمةٍ، وأُطفِئَت الأنوار، وأُغلِقَت الأبواب، وهجع الليل، ونام الناس؛ فحينئذٍ هذا الرجل وهذه المرأة يراقبان الله في السر والعلن، ويعلمان بأن الله يراقبهما. إذا كان الإنسان في صلاته، إذا قام بواجباته، إذا كان بعيدًا عن الناس، فإنه يعلم أن الله يراه تبارك وتعالى؛ فهو يخافه ويراقبه.

القنوت والعمل بما أمر الله

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ [الأحزاب:35]، القانتون: هم الطائعون، الذين يُطيعون الله تبارك وتعالى في السرِّ والعلن؛ ولذلك قال : وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ، فالقانت: هو الطائع لله ، يُطيع الله ، يُصلِّي ويصوم ويُزكِّي ويَحُجُّ، ويقوم بالواجبات، ويبتعد عن المُحرَّمات؛ فهذا هو القانت لله . وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ.

الصبر وأنواعه

ثم قال الله بعد القانتين والقانتات: وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ [الأحزاب:35]، الصابرون على ما أصابهم من المرض، وأصابهم من الفقر، وأصابهم من الآلام والأحزان، يصبرون على ذلك ابتغاء وجه الله ، يصبرون ويبتغون وجه الله تبارك وتعالى؛ فالصابر هو الذي يصبر على ما أصابه من السرَّاء والضرَّاء، فيصبر دائمًا لله ، ويبتغي وجه الله ، ويبتعد عن المُحرَّمات.

والصبر ثلاثةُ أنواعٍ:

  • صبرٌ على طاعة الله: تصبر المسلمة ويصبر المسلم على طاعة الله ، يصبر على الصلاة، وعلى الوضوء إذا كان هناك بردٌ، ويصبر على أن يقوم ببعض الواجبات التي ربما تكون شديدةً على نفسه، ويصبر على أن يقوم إلى صلاة الفجر، وأن تقوم إلى صلاة الفجر حتى تُؤَدِّيَ هذه الصلاة؛ صبرٌ على طاعة الله .
  • وصبرٌ عن محارم الله: تصبر المسلمة عن المحارم، تصبر عن استماع الغناء، وتصبر عن النظر إلى الحرام، وتصبر عن النظر إلى الأفلام الخليعة والمسلسلات الماجنة، وتصبر عن النظر إلى المُحرَّمات، أعني كالمجلات وغيرها، وتصبر كذلك على ترك الذي حرَّمه الله ، تصبر على ذلك.
  • وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة: إذا أصابها مرضٌ أو أصابه مرضٌ، أو أُصِيبَتْ بفقد بعض أبنائها أو بعض أهلها تصبر، كما مدح الله تبارك وتعالى المؤمنين في كتابه بأنهم لهم ثوابٌ عظيمٌ ولهم أجرٌ كبير، كما بيَّن ذلك تبارك وتعالى في أول سورة البقرة.

فالمسلم عليه أن يصبر لله ، والمسلمة كذلك، يصبران على هذا. وربما بعض الناس إذا أُصِيبَ حتى بالزُّكام ما يقدر أن يصبر، ولا يصبر على ذلك؛ فتجده يَئِنُّ: "آه"، يَئِنُّ ويصيح، وربما أُصِيبَ بمرضٍ مُزْمِنٍ. فإذَن؛ الإنسان إذا أُصِيبَ بمرضٍ فليعلم أن هذا المرض خيرٌ له، المرض إذا أتى الإنسان فإن هذا قد يكون خيرًا للإنسان وهو لا يدري، يرفع الله به درجاته في الآخرة، أو يَحُطُّ عنه به خطيئاتٍ أو غير ذلك من بعض الأشياء التي قد وقع فيها، يغفر الله له تبارك وتعالى.

الخشوع واستحضار الوقوف بين يدي الله

فالله ذكر من صفات المؤمنين بعد أن قال: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ، ثم قال بعد ذلك: وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ [الأحزاب:35]، الخاشعين لمن؟ تخشع للزوج؟ تخشع لفلانٍ؟ تخشع في كلامها للناس؟ لا. تخشع لله، ويخشع لله. وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ، كما قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1- 2]، أفلحوا وفازوا في الدنيا والآخرة.

فالمسلمة إذا صلَّت وكبَّرت في صلاتها، أو المسلم كذلك، فإنه يخشع في صلاته، ويعلم أنه يقف بين يدي الله تبارك وتعالى. وليس كبعض النساء التي ربما إذا كبَّرت وصلَّت في صلاتها جاء الأولاد عن يمينها وعن شمالها، وربما تضرب هذا، وتُحَرِّك هذا، وربما تحرَّكت في صلاتها، وذهبت إلى فلانٍ من الأولاد. هذا لا ينبغي للمسلمة، إذا صلَّت فإنها تعتبر نفسها أنها أمام الله ، تتغطى، تُغَطِّي رأسها وشعرها وقدميها وجسدها كله، وحينئذٍ تكون واقفةً بين يدي الله ، وتتدبَّر ما تقرأ، ثم عليها كذلك أن تقول في صلاتها هذه أو يدور في ذهنها أن هذه الصلاة ربما تكون آخر صلاةٍ تُصلِّيها على وجه الدنيا.

ولذلك جاء رجلٌ إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: "عِظْني وأَوْجِزْ" -أي: أعطني موعظةً وجيزةً يا رسول الله- فقال عليه الصلاة والسلام: إذا قُمْتَ في صلاتك فَصَلِّ صلاةَ مُوَدِّعٍ[4]. فالمُودِّع هو الذي إذا كبَّر تكبيرةَ الإحرام: "الله أكبر"، يظن أن هذه الصلاة هي آخر صلاةٍ يُصلِّيها على وجه الدنيا، يعني: يظن أنه لا يُصلِّي صلاةً أخرى، وربما يموت قبل الصلاة الأخرى.

إذَن؛ كيف -بالله- يعمل هذا الإنسان في صلاته؟ يعني: هل هذا الإنسان يُحسِن صلاته أو لا يُحسِنها؟ يُحسنها؛ لأنه حينما يسمع كلام النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: إذا قُمْتَ في صلاتك فَصَلِّ صلاةَ مُوَدِّعٍ[5]، فإن صلاة المُودِّع هي التي إذا كبَّر الإنسان المسلم، أو المرأة المسلمة إذا كبَّرت فحينئذٍ تعلم بأن الله يراها، وبأنها ربما تكون هذه الصلاة هي آخر صلاةٍ تُصلِّيها على وجه الدنيا. إذَن تُحسِن وتتوب وترجع إلى الله ، تدعو الله في سجودها وفي الركوع حينئذٍ؛ لأنها تخشى ألا تُدْرِك الصلاة الأخرى.

فالمسلمة عليها أن تَتَّصِفَ بهذه الصفة، وهي قوله تبارك وتعالى: وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ [الأحزاب:35].

الصدقة خُلُق الإيمان وبرهان الإخلاص

فالله تبارك وتعالى ذَكَرَ الخاشعين وذَكَرَ الخاشعات، ثم قال الله بعد ذلك: وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ [الأحزاب:35]. هذه الصفة هي من أعظم صفات المؤمنين، والمُتصدِّقة: التي تؤدي الواجب الذي عليها، إن كان عندها مالٌ تُزَكِّيه، وإن كان عندها مالٌ كذلك تتصدَّق منه تطوُّعًا ولو يسيرًا، ولو ريالاتٍ قليلةً؛ لأن الله  يُرْبِي الصدقةَ ولو كانت يسيرةً، حتى تكونَ لصاحبها عظيمةً عند الله ، ولو بشِقِّ تمرةٍ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة[6].

فالمسلمة إذا كان لها جيرانٌ فقراءُ، وتعلم أنهم في حاجةٍ، فعليها أن تؤدِّي إليهم صدقةً، لكن بعد إذن الزوج؛ لأن المال للزوج.

فيجب على المسلم أن يَتَّصف بهذه الصفات، وكذلك المسلمة؛ ولذلكم الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئةَ[7]، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام. والصدقة -ولو كانت يسيرةً- عظيمةٌ عند الله تبارك وتعالى، إذا كانت خالصةً لوجه الله .

منزلة الصائمين والصائمات

ثم بعد ذلك قال: وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ [الأحزاب:35]، الصائمون الذين يحافظون على الصيام، صيام رمضان، وكذلك من النوافل، فما صام أو صامت المرأة يومًا في سبيل الله، حينئذٍ يُباعد الله وجهها عن النار سبعين خريفًا. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: مَن صام يومًا في سبيل الله، باعَدَ اللهُ وجهَه عن النار سبعين خريفًا[8]، ومعنى في سبيل الله: في طاعة الله؛ لأن الصيام في أثناء الجهاد في المعركة لا يكون مُستحبًّا، وإنما المُستحبُّ أن يُفطِر؛ فمعنى ذلك -أنه في سبيل الله-: في طاعة الله تبارك وتعالى.

وأعظم الصيام بعد رمضان، كما بيَّنه النبي عليه الصلاة والسلام: صيامُ شهر الله المُحرَّم[9]، وكذلك ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، كما بيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام: مَن صام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، فقد صام الدهر كله[10]. وهذا فضلٌ من الله ، أو صيام يوم الاثنين، أو صيام يوم الخميس، على حسب الاستطاعة، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

فإذا قامت المرأة بما أوجب الله عليها، ثم تقرَّبت إلى الله بالنوافل أو ببعض النوافل؛ حينئذٍ لعله يُطلَق عليها أن تكون من الصائمين، كما قال الله : وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ [الأحزاب:35].

العفاف: حصن المسلم والمسلمة

وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ [الأحزاب:35]، هذه صفةٌ عظيمةٌ، وهي الصفة التاسعة من هذه الصفات، وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ، فالمرأة تحفظ فَرْجَها، والرجل يحفظ فَرْجَه، لا يستعمل الإنسان هذه الشهوة إلا فيما أحلَّ الله ، فالله مدحهم وأثنى عليهم، وبيَّن أن هذه من صفات المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، فقال: وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ.

فالمرأة إذا حفظت فَرْجَها، وأطاعت بَعْلَها -أي: زوجها-، وصامت شهرها، وأطاعت ربها قبل ذلك، حينئذٍ تدخل من أيِّ أبواب الجنة شاءت، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام[11]. فالمرأة عليها أن تحفظ فرجها، ليس معنى ذلك أنها تزني، ليس هذا هو المقصود، ليس معنى ذلك أن بعض الناس يتهمها بالزنا؛ كلا، مَعاذَ الله تبارك وتعالى؛ فالمسلمات فيهن خيرٌ كثيرٌ والحمد لله، لكن المسلم عليه أن يَعْلَمَ الأحكام حتى يُطَبِّقَها.

الحجاب الشرعي سياجٌ للطهارة ووقايةٌ من الفتنة

وهناك أسباب لإضاعة الفروج أو عدم حفظ الفروج، وهي: عدم الالتزام بالحجاب؛ فالله أمر بالحجاب في آياتٍ كثيرةٍ بيَّنها ربُّنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز المُنَزَّل على محمدٍ ، ونادى نساء النبي ، فقال : يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ۝ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[الأحزاب:32- 33].

فالله تبارك وتعالى أمر بالحجاب نساءَ النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا أمر بالحجاب نساءَ النبي وهُنَّ أطهر خَلْقِ الله تبارك وتعالى، فهل يُعقَل أن يكون من نساء المؤمنين أحدٌ أطهرَ من نساء النبي عليه الصلاة والسلام؟! كلا، نساء النبي عليه الصلاة والسلام هن أفضل خلق الله، عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن أجمعين، أطهر خلق الله نساء النبي عليه الصلاة والسلام، أطهر النساء إطلاقًا إلى يوم القيامة، فالله أمرهن فقال: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32]، وقال: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ [الأحزاب:33]، وقال: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].

المرأة إذا تكلمت في الهاتف أو كلَّمت مَن بالباب لا تخضع بصوتها، لا تقل: "مَن؟" أو تُرخِي صوتها، بل تتكلم بالصوت العادي الذي لا إشكال فيه. إنْ أحدٌ كلَّمها في الهاتف أو في غير ذلك فعليها أن تتكلم بالكلام العادي الذي خلقها الله عليه، ولا تزيد على ذلك؛ فلا تقل: "كيف حالكم؟" إلا إذا كان مَحْرَمًا، "أنتم طيبون؟ مَن أنت؟ مَن تريد؟ مَن أقول له؟ ألو!"، سبحان الله العظيم! لا، تجيب على حسب السؤال، تُسأل: "أفلانٌ موجودٌ؟"، فإن كان موجودًا تقول: "موجودٌ"، وإن لم يكن موجودًا تقول: "ليس موجودًا". أما أن تقول: "مَن أنت؟ مَن أقول له؟ ما اسمك حتى أكتبه وأخبره؟ أعطني رقم هاتفك!"، فلا؛ هذه أشياءُ زائدةٌ، ولا ينبغي للمرأة المسلمة أن تفعل الشيء الذي ليس لها فيه إذنٌ.

ثم قال الله : وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33]، فالمرأة تُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة إن كان عندها مالٌ.

ثم قال الله للرجال المؤمنين المسلمين إلى يوم القيامة: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، إذا سأل الرجلُ المرأةَ متاعًا وهي ليست من مَحارِمه (من النساء المَحارِم)، فعليه أن يسألها من وراء حجابٍ، من وراء الباب، أو من وراء جلبابٍ، لا تأتي إليه بوجهها ولا بكفَّيها فتخاطبه، لا بُدَّ أن يكون هناك ساترٌ على جلد المرأة وجسدها وقدميها ويديها، أو تكون وراء ساترٍ أو حائلٍ، كخلف بابٍ أو غير ذلك؛ لأن الله قال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وهذا أمرٌ لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ فعلى المسلم أن يَتَّقِيَ الله ، وعلى المسلمة أن تمتثل أمر الله تبارك وتعالى.

ثم قال الله : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[الأحزاب:59]. هذا هو الحجاب الحقيقي، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ، الجلباب: هو الذي يُغَطِّي المرأة، يُغَطِّي رأسها، ويُغَطِّي كفَّيها، ويُغَطِّي قدميها، يُغَطِّي المرأة فلا يبدو منها شيءٌ أبدًا.

أما صُوَيْحِبات البَرَاقِع اللاتي تأخذ إحداهن البُرْقُع وتجعله على وجهها إلى منتصف الخد، فهذه مصيبةٌ عظيمةٌ بُلِيَ بها أكثرُ الناس، وليست من الحجاب الإسلامي، اللهم إلا إذا استخدمَتْه كما كانت تستخدمه نساء الصحابة، رضي الله عن رجال الصحابة ونسائهم جميعًا؛ فإن الصحابة كانوا يُخْبِرون أن النساء في عهدهم -رضي الله عنهم وعنهن جميعًا- كانت المرأة منهن تَتَلَفَّع ولا يبدو إلا عينها، كما ذكر ذلك بعض أهل التفسير، أنها ما كانت تُبْدِي إلا عينًا واحدةً. أما صاحبة البُرقُع ولو كانت عجوزًا، فبعض العجائز تفتن الناس، تكون عجوزًا كبيرةً وتلبس البُرْقُع، ووجهها قد تَعَطَّفَ، فإذا كانت من دون بُرْقُعٍ ربما تكون أفضل؛ لأن بعض النساء إذا لبست البُرْقُع يكون زينةً.

فالمسلمة عليها أن تَتَّقِيَ الله ، وعليها أن تمتثل أمر الله تبارك وتعالى.

وإذا كان هذا الحكم ينطبق على المرأة الكبيرة والصغيرة، أعني: البالغة إلى الكبيرة؛ فقد أَذِنَ الله للعجائز الكبار اللاتي لا يرجون نكاحًا، فقال الله : وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[النور:60]. بيَّن الله أن القواعد من النساء التي لا تريد نكاحًا، أي: لا تريد الزواج، فهي عجوزٌ كبيرةٌ في السن؛ فحينئذٍ أَذِنَ الله لها تبارك وتعالى، لكن بشرط أن تكون لا ترجو نكاحًا -هذا واحدٌ- أي: لا تحب الزواج أبدًا، وقد أَيِسَتْ من الزواج، ولا تُحبه أبدًا، ولا ترغب فيه أبدًا.

الأمر الثاني: عليها كذلك ألا تتبرَّج بزينةٍ، لا تقول: "أنا عجوزٌ"، ثم تأتي بما مقدارُه عشرة آلافٍ من الذهب في يديها أو في رقبتها وتقول: "أنا عجوزٌ". عجوزٌ مُحَمَّلةٌ بالذهب وتُبْدِي زينتها! والله قال: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]. فإذا كانت عجوزًا عمرها مئة سنةٍ، كبيرةً، لا تحب الزواج ولا ترجوه، ولكنها تلبس الذهب في يديها وفي عَضُدَيها، وتأتي إلى الرجال وقد انتفخت: "السلام عليكم"، وتأتي تُحَرِّك يديها بالذهب، فهذه مصيبةٌ؛ لأن الله قال: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ. فإذا كانت هذه المرأة لا تتبرَّج بزينة، فقد أَذِنَ الله لها إذا كانت كبيرةً كما سمعتم في الآية، ولكن بشرط أنها لا ترجو الزواج، وكذلك ألا تكون متبرجةً بزينةٍ.

ثم بيَّن الله أن الأفضل لهذه العجوز ألا تفعل ذلك، والأفضل لها أن تستتر، كما قال الله في آخر الآية: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور:60]. إذا استعففت العجوز وقالت: أنا لا أُبْدِي زينتي ولو كنتُ عجوزًا؛ طاعةً لله ، ورغبةً في الخير، فحينئذٍ يكون خيرًا لها كما بيَّنه الله : وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فالمرأة عليها أن تُراقب الله ، وتلتزم بهذه الأوامر.

ثم بيَّن الله كذلك في آيةٍ أخرى أَمْرَ النساء بالحجاب، فقال الله : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، أمرٌ من الله تبارك وتعالى، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ.

أيتها الأخوات، عليكنَّ التزام الهدوء. المرأة عليها إذا كان عندها طفلٌ صغيرٌ أن تُحافظ عليه، فلا يؤذِ الناس. التزموا الهدوء بارك الله فيكنَّ، المرأة أتت إلى هنا إلى هذا المكان لتستفيد، لا لتؤذي الناس، بارك الله فيها. فربما أرادت امرأةٌ أن تستفيد هنا، فإذا استفادت جاءت واحدةٌ بابنها وآذت الناس! عليها أن تتقي الله، كل امرأةٍ تُمسِك ابنها؛ لأنه الآن جاء اتصالٌ بأن هناك حركة أطفالٍ. كل امرأة تُمسِك ولدها أو بنتها بيدها حتى لا يحصل بعض الشيء، بارك الله فيكنَّ، ووفَّق الله الجميع لما يُحبه ويرضاه.

فالله يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، [النور:30]، ثم قال تبارك وتعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:31]، أمرٌ من الله ، ثم قال بعد ذلك: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]، العباءة أو البِشْت الخارجي هذا هو، المرأة مَعفوٌّ عنها إذا لم تأخذ هذا البِشْت الخارجي الذي يكون فيه لؤلؤٌ وفيه خرزٌ وفيه أشياءُ لا ينبغي، لا. الظاهر: لو أخذت المرأة لها جلبابًا يُغَطِّيها -وهذا واسعٌ- فالحمد لله، فإذا كان زينةً في نفسه هو؛ مثل: الخمار الأسود أو الحجاب الأسود أو غير ذلك، فربما يكون فيه بعض الزينة الخارجية، أعني: التي منه نفسه، فإن هذا قد عفا الله تبارك وتعالى عنه؛ لأنه مِن مَا ظَهَرَ مِنْهَا.

ثم قال الله : وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31]، بيَّن الله أنه لا يجوز لها أن تُبْدِي زينتها إلا لزوجها، فقال: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ [النور:31]. إذا كان هناك طفلٌ عمره سبع سنواتٍ أو ثماني سنواتٍ ودخل على النساء فقال: وجه فلانةٍ كذا، وعندهم كذا، وفي غرفتها كذا، وفي غرفتها نومٌ، وفي غرفتها مرآةٌ، وفي غرفة كرسيٌّ، وهكذا؛ فهذا لا يجوز أن ينظر إلى النساء، أعني: عورات النساء، لا.

قال :أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، فبيَّن الله أن الطفل لا يظهر، يعني: إذا كان يَعرِف ويُمَيِّز بحيث لو سُئل: "كيف وجه فلانةٍ؟ كيف مكانها؟ كيف كذا؟" يجيب؛ فإذَن على المرأة ألا تُرِيَهُ من محاسنها شيئًا، بل عليها أن تَتَّقِيَ الله .

وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور:31]، فالمرأة لا تُبْدِي شيئًا من زينتها ولا من خَلَاخِلِها، ولا إذا كان عندها حُلِيٌّ في قدميها أو في يديها لا تحرِّكها حتى يسمعها الرجال، بل عليها أن تلتزم آداب الإسلام إذا خرجت من بيتها، فلا تخرج مُتطيِّبةً، عليها ألا تأخذ الطِّيب؛ لأنه قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: إذا استعطرتِ المرأةُ، فمرَّتْ على القوم ليجدوا رِيحها؛ فهي كذا وكذا[12]، أي: زانية.

فأكثر النساء تتطيَّب وتَخرُج ويُرِيح الرجالُ رائحتَها، فهي زانيةٌ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام. وهذه مصيبةٌ وقع فيها أكثر الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فالمرأة عليها أن تُراقب الله ، ولا تفعل ذلك، بل عليها أن تلتزم آداب الإسلام، وتلتزم الحجاب.

شروط الحجاب وآدابه

والحجاب له آدابٌ بيَّنها أهل العِلم، وهي ليست بمجرد... لكنَّ له أمورًا، فالحجاب له شروطٌ.

شروط الحجاب كالتالي:

  • أولًا: أن يكون الحجاب ساترًا لجميع البدن، يستر الرأس، ويستر الوجه والعينين، إلا إذا كان هناك خرقٌ في العين أو شيءٌ على العين -بحيث لا يزيد على العين- تُبصِر به، فلا بأس، وتستر كذلك الكفَّين والقدمين؛ فتكون مسلمةً مؤمنةً حقًّا إذا فعلت ذلك. بعض النساء تلبس البِشْت، وتجعل له خاصرةً وتمشي، تريد أن تفتن الناس؛ نسأل الله ألا يفتننا! هذه مصيبةٌ، إذا فعلت ذلك فهي في سخط الله تبارك وتعالى؛ لأنها أرادت أن تفتن أمة محمدٍ . فعليها أن تلتزم -وهو الشرط الأول- أن يكون الحجاب ساترًا لجميع البدن؛ لقوله تبارك وتعالى: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، يعني: أمَر الله أن يُدْنِين عليهن من جلابيبهن، والجِلْباب: هو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله.
  • والثاني: أن يكون كثيفًا غير رقيقٍ، يعني: يكون هذا الحجاب كثيفًا، ما يكون شفَّافًا، بِشْت لكنه شفاف يَشِفُّ القدم وَيَشِفُّ الوجه لا، بعض النساء تلبس لها غطاءً على الوجه أو ساترًا على الوجه يَشِفُّ وجهها، هذا لا ينبغي، لا بُدَّ أن يكون الحجاب كثيفًا إذا كان ساترًا لجميع البدن: اليدين أو الكَفَّيْن، والرأس، والقدمين. بعض النساء لا تُبالي أن تفتح يديها أو تكشف عن كفَّيها، هذه مصيبةٌ. أكثر النساء -إلا من وفَّق الله - تأتي في الشارع وفي السوق إذا دخلت على بيَّاع الذهب -الله أكبر!- ترفع الغطاء من على وجهها كأنه زوجها، وهي كانت مع الزوج في السيارة جالسةً وكانت مُتَغَطِّيَةً في الشارع، ولكنها حينما أتت عند صاحب الذهب تكشف وجهها كأنه أبوها -أعوذ بالله!- أو كأنه أخوها أو زوجها؛ هذه مصيبةٌ. لا، المرأة عليها أن تراقب الله . كذلك لا تُبْدِي كَفَّيْها، لا عند الخياط ولا عند المُفَصِّل ولا عند صاحب الذهب ولا عند البيَّاع أبدًا، تكون مسلمةً بمعنى الكلمة.
  • الثالث: ألا يكون زينةً في نفسه، يعني: المرأة ربما يكون هذا الحجاب زينةً في نفسه، فتأتي ببِشْتٍ أو عباءةٍ فيها دلالدلُ -أو كما تسميها النساء: خَرَزة أو خُرَيْزات-، تأتي وتجعل على رأسها خُرَيْزاتٍ أو وردًا أو حريرًا أو أي شيءٍ؛ زينةً لهذا الحجاب. لا، إذا لبست الحجاب لا تجعل على رأسها لا حريرًا ولا خَرَزًا ولا غير ذلك، تجعل الحجاب صافيًا ليس فيه زينةٌ. هذا الأمر الثالث.
  • والأمر الرابع: أن يكون واسعًا غيرَ ضَيِّقٍ، فإن بعض النساء ربما تلبس لها ثوبًا ضَيِّقًا أو تلبس لها بِشْتًا ضَيِّقًا، فتمشي كأنها مُقَيَّدةٌ من أجل أن تقول: "أنا أفتن الناس" -أعوذ بالله من الفتنة!- ألا تخشى أن يفتنها الله  ويُصيبها في جسدها بمرضٍ يبقى معها حتى تلقى الله ؟! هذه مصيبةٌ، عليها أن تُراقب الله ، وعليها كذلك أن تجعل الغطاء -أي: الحجاب- كثيفًا، ولا يكون شَفَّافًا، بل يكون واسعًا، ولا يكون ضَيِّقًا.
  • الخامس: ألا يكون الثوب مُعَطَّرًا فيه إثارةٌ للرجال؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا استعطرتِ المرأةُ، فمرَّت على القوم ليجدوا ريحها؛ فهي كذا وكذا[13]، يعني: زانيةً، وهذه مصيبةٌ عظيمةٌ. فالحجاب لا بُدَّ أن يكون خاليًا من الطِّيب، لا تتطيَّب، وإن أرادت أن تسير أو تخرج من بيتها إلى جارتها أو إلى مكانٍ فعليها أن تخلع ثيابها التي بها طِيبٌ، حتى تذهب بثيابٍ ليس بها طِيبٌ، حتى تمتثل أمر الله .
  • الشرط السادس: ألا يكون الثوب فيه تَشَبُّهٌ بالرجال؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام لَعَنَ المُتشبِّهين من الرجال بالنساء، ولَعَن المُتشبِّهات من النساء بالرجال[14]. فهي ملعونةٌ إن أخذت لها ثوبًا أو شيئًا يُشابه الرجال أو من ملابس الرجال، فهذا لا يجوز لها، ولا بُدَّ أن يكون الحجاب خاصًّا بالنساء.

فعليها أن تَتَّقِيَ الله وتُراقب هذه الأمور؛ حتى تكون مُوَفَّقَةً، ونصيحتي لكل مسلمةٍ أن تَتَّقِيَ الله .

ثم بعد ذلك -يعني في هذا-، قوله تبارك وتعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ، ثم قال الله بعد ذلك: وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ، ثم بعد ذلك ختم هذه الوصايا أو ختم هذه الصفات العشر فقال: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]، مَن قام بهذه الأشياء فقد أعدَّ الله له مغفرةً وأجرًا عظيمًا.

الإكثار من ذكر الله

وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]، تَذكُر الله إذا أمست، تدعو دعاء المساء الذي يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام: سيد الاستغفار: أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، اغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت[15]. إذا قال ذلك المسلم -سواء أكان رجلًا أو امرأة- حينما يُمسِي فمات قبل أن يُصْبِحَ؛ دخل الجنة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا قاله حين يُصبِح فمات قبل أن يُمْسِيَ؛ دخل الجنة، هذا فضلٌ عظيمٌ.

فالمسلمة تَذكُر الله إذا أمست وإذا أصبحت، وتتعلم أذكار الصباح، ومنها: سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، اغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت[16]. فينبغي للمرأة المسلمة أن تَذكُر الله صباحَ مساءَ.

ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: مَن قال: باسِم الله الذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاثَ مراتٍ؛ لم تُصِبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُصبِحَ، ومن قالها حين يُصبح، ثلاثَ مراتٍ؛ لم تُصِبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُمسِيَ[17].

ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: مَن قال: سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه، غُرِسَت له نخلةٌ في الجنة[18]. مَن يريد نخلةً في الجنة يقول: سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه. وقال عليه الصلاة والسلام: مَن قال: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مئةَ مرةٍ؛ حُطَّتْ خطاياهُ وإن كانت مِثلَ زَبَدِ البحر[19].

أين النساء الذاكرات لله اللاتي يَذكُرن هذا الدعاء في الصباح وفي المساء؟ تَذكُر الله ، تُعَلِّم أولادها إذا ذهبوا إلى المدرسة، تقول: يا بُني، سَمِّ الله إذا خرجتَ، قُلْ: بِسم الله، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله[20]، اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عليَّ[21]. حينئذٍ؛ يكون ولدُها محفوظًا حتى يدخل عليها مرةً أخرى بإذن الله؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام بيَّن أن الشيطان يأتي عند الباب ويقول: عُصِمَ مني، أو يقول: كيف لك برجُلٍ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ؟![22]، فهو قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ.

وكذلك أذكار للصباح وأذكار للمساء، على المرأة المسلمة أن تلتزم هذه الأذكار، وتبتعد عن الغناء، وتبتعد عن الغِيبة، وتبتعد عن النميمة، وتبتعد عن "قيل" و"قال". أكثر النساء ربما تكون تُصلِّي وتصوم، ثم تدخل جهنَّمَ -أعوذ بالله!-؛ لماذا؟ لأنها ربما تؤذي جيرانها بلسانها. وقد أُخبِرَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام أن امرأةً كانت تصلي الليل وتصوم النهار، فقال: هي في النار[23]، لماذا؟ لأنها آذَتْ جيرانها بلسانها. فلسان المرأة ربما يُفْسِد بين الناس، فعليها أن تَتَّقِيَ الله ، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، وتحافظ على الأوامر وعلى الواجبات.

وعليها أن تَتَّقِيَ الله ، وتُطِيعَ زوجها في طاعة الله، وتُوقِظ أولادها للصلاة في صلاة الفجر. وكذلك لا تنظر إلى ما حرَّم الله، ولا تسرق. أكثر النساء يَجْفُونَ الزوج، يكون يريد قهوةً ويريد شايًا ويريد راحةً، ولكنها تذهب وتقول: عندي تمثيليةٌ، عندي موعدٌ مع التمثيلية! تبقى أمام التمثيلية وتترك زوجها، هذه مصيبةٌ.

فالمرأة عليها أن تَتَّقِيَ الله ، أسأل الله أن يوفِّق الجميع.

ووصيتي لأخواتي المسلمات: أن يُحافظن على الواجبات التي أوجب الله عليهن، ويُحافظن على صلواتهن، ويُحافظن على أولادهن، ويُرَبِّينهم على الإسلام، ويبتعدن عن الغناء، ولا ينظرن إلى الحرام، ولا يَغْتَبْن المسلمين؛ لأن أكثر النساء إذا اجتمعن لا تقول إحداهن: "سبحان الله، والحمد لله"، لا؛ بل تقول: "بكَم هذا؟ بكَم اشتريتِ هذا؟ ما شاء الله، عندكم زَنْبٌ؟ وعندكم كَنَباتٌ؟ وعندكم كذا؟"، سبحان الله! ثم تأتي إلى زوجها فتقول: "يا زوجي، أنت فقيرٌ، أنت مسكينٌ، ما عندك مثل ما عند الناس؛ عندهم كذا، وعندهم فِراشٌ، وعندهم زَنْبٌ، وعندهم كنباتٌ، أنت مسكينٌ فقيرٌ، أنت بخيلٌ". سبحان الله! لا، المسلمة ما تفعل هذا، بل عليها أن تُراقب الله .

وهناك أسئلةٌ كثيرةٌ، لعلنا نُجيب عنها. نسأل الله أن يوفِّق الجميع لما يُحبه ويرضاه، وأن يرزق الجميع العلم النافع والعمل الصالح.

والخلاصة: أن على كل مسلم ومسلمة أن يعلم أن الله سيحاسبه على ما عَمِلَ يوم القيامة؛ فعليه أن يستدرك من الآن قبل فوات الأوان.

أسأل الله أن يوفِّق الجميع لما يُحبه ويرضاه، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

الأسئلة

أما الأسئلة فهي:

س: أولًا: قلتُ في المحاضرة السابقة: هناك سؤالٌ أتى إليَّ من بعض الأخوات، تقول بأن والدها أتاه مرضٌ قبل رمضان، ثم مات قبل رمضان في مرضه. فالتبس عليَّ الأمر؛ ما أدري هل الوالد أتاه المرض قبل رمضان بشهرٍ أو بشهرين؟ يعني: ربما يكون في المُحرَّم، وربما يكون مرضًا بسيطًا، ثم بعد ذلك جاء رمضان وهو مريضٌ، ثم بعد ذلك بعد رمضان شُفِيَ وسَلِمَ، ثم رجع إليه المرض ومات؟

ج: إذا كان الوالد قد مَرِضَ قبل رمضان، ثم مات في مرضه، استمر المرض معه، يعني: كان سليمًا، ثم حصل له المرض قبل رمضان، ثم استمر المرض معه حتى أتى رمضان، ومات في مرضه، يعني: لم يُشْفَ؛ فهذا ليس عليه صيامٌ، وليس عليه إطعامٌ. أنا قلتُ سابقًا بأنه يُطعِم أو تُطعِم، لا؛ لأنه كان الأمر قد التبس عليَّ. إن كان شُفِيَ بعد رمضان، وعاش حياةً صحيحةً سليمةً، وترك الصيام، ما صام ولو شهرًا ولو شهرين؛ فهذا يُصام عنه.
مثال ذلك: لو مَرِضَ إنسانٌ قبل رمضان، يعني: مرضًا فيه شفاءٌ، ثم جاء رمضان وهو مريضٌ، ثم جاء شوَّالٌ وشُفِيَ وسَلِمَ، يعني: شُفِيَ في شوَّالٍ، وبقي شهرَين (ذي القَِعْدَة وذي الحِجَّة)، ومات في المُحَرَّم أو صَفَر؛ فإن هذا يُصام عنه؛ لأنه قد استطاع أن يصوم. أما المريض الذي مَرِضَ قبل رمضان، وبقي مرضُه معه حتى بعد رمضان، ومات في مرضه؛ فإنه ليس عليه صيامٌ، وليس عليه كذلك إطعامٌ؛ لأنه لم يستطع ذلك، والله تبارك وتعالى يقول: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]. وهذا قد اتَّقى الله ، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
أرجو أن يكون مفهومًا، وأرجو من الأخوات المُستمعات إن كانت صاحبة السؤال غيرَ موجودةٍ أن يُبَلِّغْنها الجواب؛ إن كان الوالد مَرِضَ قبل رمضان واستمر في مرضه حتى مات بعد رمضان؛ فإنه ليس عليه صيامٌ، وليس عليه إطعامٌ.

س: تقول هنا السائلة: هل يجوز أن نشاهد التمثيليات الخليعة؟

ج: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تشاهد التمثيليات الخليعة.

س: وتقول: سؤالٌ آخر: الذين يدعون بالجن دائمًا على أولادهم وغيرهم؛ مثال لذلك: تقول: "جِنِّيٌّ أخذك، جِنِّيٌّ خطفك، جِنِّيٌّ كسَّر عظامك، اخطفوه يا جن، سبعة سبعة".

ج: أعوذ بالله، هذا شركٌ بالله ، إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]. هذه مُشرِكةٌ، أشركت بالله تبارك وتعالى، لماذا؟ لأنها دعت غير الله . فإذا قالت: "سبعة"، أو قالت: "جِنِّيٌّ"، أو قالت: "اخطفوه"؛ فحينئذٍ تكون قد أشركت بالله ؛ فعليها ألا تدعوَ على أولادها.
أقول: إن النساء اللواتي يدعون على أولادهن بالجن، هذه مصيبةٌ عظيمةٌ، وهذه جريمةٌ عظيمةٌ، شركٌ بالله. وأنا أنقل لكم فتوى سماحة شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله، ونفع الجميع بعلمه- بأنه يُفتي بأن مَن دعا الجن أو قال: "يا جِنِّي، خُذه يا جني، خذوه يا سبعة، خذوه يا جن، خذوه"؛ هذا الإنسان يكون كافرًا، بفتوى سماحة الشيخ. وهذه مصيبةٌ، فإذا كان كافرًا لا يقبل الله صلاته ولا صيامه ولا حَجَّه، حتى يُسلِمَ ويتوبَ إلى الله .

س: تسأل السائلة عن كثرة الكلام فيما لا ينفع.

ج: لا يجوز كذلك للمسلمة أن تتكلم فيما لا يعود عليها بالنفع في المجالس. أعني: المسلمة؛ لأن السائلة مسلمةٌ.

س: كثرة اللعن؟ تسأل عن كثرة اللعن.

ج: لا يجوز للمرأة أن تلعن؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: يا معشرَ النساء، تصدَّقن؛ فإني رأيتُكنَّ أكثرَ أهل النار، فقُلنَ: وبِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: تُكثِرنَ اللعن، وتَكفُرنَ العشير[24]؛ تلعن ولدها، وتلعن زوجها، وتلعن كل شيءٍ عندها، هذه مصيبةٌ. لا تلعن المرأةُ، عليها أن تراقب الله. قد أخبرني بعض الناس بأن بعض النساء تلعن حتى ثوبها، إذا كان ثوبها ضَيِّقًا وحاولت أن تُخْرِجَه، قالت: "لعنك الله!". أعوذ بالله! هذه مسكينةٌ، هذه شيطانيةٌ؛ تلعن، واللعنة: هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله تبارك وتعالى؛ نسأل الله العافية.

س: تقول السائلة هنا: لقد قرأت في بعض الكتب أن القراءة في الجرائد والمجلات حرامٌ، وتوجد جريدة تُسمى: "جريدة المسلمون"، ولكنها لا تخلو من بعض الصور؛ فهل تدخل في الحرام مثل بقية الجرائد؟

ج: على كلٍّ، المسلمة لا تنظر إلا في أشياءَ تنتفع بها؛ تقرأ القرآن، تقرأ الأشياء الحلال. أما الأشياء المُحرَّمة التي فيها صورٌ، إذا كان فيها بعض الصور التي ليست بخليعةٍ، وقرأَتْها مثلًا ثم أعدمَتْها أو أحرقَتْها أو جعلَتْها في كِيسٍ تُخرِجها من البيت، فلا بأس.

سؤال: هل يجوز لبس (الكاب)[25]؟

ج: أظنها تقصد بـ(الكاب): البِشْت. إذا كان واسعًا قِطعةً واحدةً وعلى يديها أو كَفَّيْها غِطاء، لا بأس، إذا كان (الكاب) واسعًا جدًّا، أما إذا كان يُبْدِي يديها فلا، عليها أن تلبس واسعًا جدًّا جدًّا، يُغَطِّي قدميها، ويُغَطِّي يديها، ويُغَطِّي كذلك رأسها، ولا يُبْدِي إلا عينها. أما إذا كانت تلبس (كابًا) ضَيِّقًا، فهذه مصيبةٌ؛ لا يجوز لها أن تلبس شيئًا ضَيِّقًا كما سمعتم.

س: تقول: أنا امرأةٌ أعبد الله ولله الحمد، فإني أتساءل: هل يجوز أن أقرأ ما تيسَّر من القرآن بعد الفاتحة في السُّنن الرواتب أم لا؟ أفيدونا، أفادكم الله.

ج: الحمد لله، إذا كانت في النوافل تَقرأ طبعًا، تقرأ في النوافل، النافلة هي ركعتان ركعتان. إذا صلت ركعتين ركعتين، فإنها تقرأ الفاتحة وتقرأ بعدها كذلك سورةً، والحمد لله. هذا في الصلاة الرباعية أو صلاة المغرب الثلاثية، فإنها حينئذٍ تقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة وسورةٍ، وفي الثانية بالفاتحة وسورةٍ، وفي البقية تقرأ الفاتحة. أما في النوافل -والحمد لله- تقرأ سورةً، وتقرأ الفاتحة مع كل سورةٍ، والحمد لله؛ لأنها صلاةٌ ثنائيةٌ.

س: تقول السائلة: توجد لديَّ جارةٌ ابنتها تتحكم أحيانًا -ما أدري أيشٍ تقصد- لدرجة أنها إذا أرادت أن تفعل شيئًا تستشير ابنتها، وأنا -خوفًا على ابنتي من أن تقتديَ بهذه البنت- مَنَعْتُها من زيارتها.

ج: نعم، جزاكِ الله خيرًا. إذا كانت البنتُ مُفْسِدةً فعليك ألا تسمحي لابنتك بأن تأتيَ إلى المُفْسِدة؛ لأن المُفْسِدات يُفْسِدن. إذا كانت مُفْسِدةً تُحب الغناء وتُحب الاستماع إلى المُحرَّمات وتُحب الأشياء المُحرَّمة، فلا يجوز لكِ أن تسمحي لابنتكِ بأن تذهب إليها، أمسكيها في بيتك، ولا تقل: أنا أذاكر معها، لا، لا تذاكر معها. إذا أرادت أن تذاكر فلتأتِ هي وتجلسين أنتِ مع البنتين، أنت تجلسين مع هذه وهذه في بيتك، فلا بأس. أما كونها تُترَك تذهب إلى الفاسقة، لا تسمحي لها أن تذهب ولو كانت جارةً؛ لأنها تُفسِدها.

س: تقول: بعض النساء يَقْصُصْنَ شعورهن من الأمام لتكون زينةً على وجوههن، ولم يقصدن التشبه بالنساء الكافرات؛ فهل هذه القَصَّة حرامٌ أم لا؟

ج: على كلٍّ، إذا كانت القَصَّة -يعني: أن تَقُصَّ المرأة من شعرها- بإذن الزوج، إذا كان الزوج أَذِنَ في ذلك؛ هذا واحدٌ. والأمر الثاني: لا يكون هناك تشبُّه بالكفار، فلا تقل: من أجل أن الخادمة فلانةً، أو من أجل أن الطبيبة فلانةً، أو من أجل أن المُمرِّضة فلانةً المُحترمة رأسها قصيرٌ، أنا أصير مثلها. لا، حينئذٍ فقد تشبَّهت بالكافرات. إذا كانت في البيت، وكانت بإذن الزوج، وليس فيها تشبُّه بالرجال؛ فهذا لعله لا بأس به إن شاء الله.

س: يوجد بعض النساء يَقُمْنَ بتنفيش القُصَّة من الأمام (الشُّوشة)، فهل هذا جائزٌ؟ والسلام.

ج: إذا كانت للزوج فلا بأس، أما أن تُنَفِّش القُصَّة كما تقول وتذهب في الشارع أمام الناس فلا، لا ينبغي؛ لأنه لا يجوز لها أن تفعل ذلك. أما في بيتها عند الزوج، أو عند أخواتها في البيت أو أختها أو أمها؛ فلا بأس، والحمد لله.

س: ما هي صِبْغة الشعر المُحَرَّمة على النساء؟ وهل الأشقر حرامٌ؟

ج: على كلٍّ: صِبْغة للنساء إذا كانت المُحرَّمة لها السواد، السواد هو المُحرَّم على النساء، أعني: التي فيها شَيْبٌ. بعض النساء ربما تقول: أنا عجوزٌ، وتأخذ السواد وتَطمِس به رأسها وشعرها، تقول: "أنا بنتٌ، انظر!". لا، كذابةٌ، أنتِ عجوزٌ، ما وصلتِ لبنتٍ، ما عاد إلا الموت، والموت يصل إلى الصغير والكبير. وبعض الناس الكبار في السن يأتي ويصبغ لحيته بالسواد، يقول: "انظري يا زوجتي، أنا شابٌّ!". هذا كذابٌ، هو شائبٌ ولو يطلس لحيته مئة مرةٍ، وهي لو تطلس رأسها مئة مرةٍ هي عجوزٌ، لا يختلف؛ فعلى الإنسان ألا يَصْبُغَ بالسواد.
أما الحِنَّاء، فلا بأس بالحِنَّاء، لا بأس بالحِنَّاء للرجال، ولا بأس بالحِنَّاء للنساء كذلك، سواءٌ تزينت بها في يديها أو في رأسها أو في شعرها، الحمد لله. الحِنَّاء خاصة للنساء -والحمد لله- تتزين بها، فلو تزيَّنت بالحناء وحنَّت رأسها، فلا بأس بذلك من باب الزينة للزوج، لا بأس، أما السواد فلا يجوز.

س: تقول: التكبُّر ذمَّه الرسول ، فما حُكم من رقصت في حفلٍ وهي رافعةٌ أنفَها إلى الأعلى؟

ج: على كلٍّ، لا يجوز التكبُّر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: لا يَدخُلُ الجنةَ مَن كان في قلبِه مثقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبر[26]فإذا كانت ترقص على العود هذه مُصيبةٌ، ترقص على العود وعلى غناءٍ هذه مصيبةٌ ومُحرَّمةٌ، لا يجوز لها. أما إذا كانت ترقص من باب العُرس، وكانوا ناسًا طيبين، وكانوا ينشدون بأشياء طيبة، مثل:

أتيناكم أتيناكم فحيَّانا وحيَّاكُمْ
ولولا الذَّهَبُ الأحمَـ ـُر ما حلَّتْ بِوادِيكُمْ
ولولا الحِنْطَةُ السمرا ءُ ما سَمِنَتْ عَذارِيكُمْ

فلا بأس، وكلام عادي في الزواج، للنساء خاصة. أما أن تقول: "يا ليل"، و"يا عين"، وتصيح وكذا، فهذه مصيبةٌ، هذه جِنِّيَّةٌ ما هي آدميةً، إذا كانت تفعل هذه الأشياء. لا ينبغي للمسلمة، وربما يصيبها الله بمرضٍ، بعض النساء ربما ترقص فيُرسِل الله عليها مرضًا يبقى معها حتى تلقى الله ؛ لأنها عصت ربها تبارك وتعالى.

س: تقول: هي سيدةٌ، بعد زواجها بستة أَشهُرٍ توجَّهت هي وزوجها إلى الحج، وحصل بينها وبين زوجها جِماعٌ في ليلة مُزدلِفةَ.

ج: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! هذه مصيبةٌ! على كلٍّ، ما دام أنه في ليلة مُزدلِفةَ، فالحج باطلٌ؛ لأنها أفسدت حجَّها، وعليها بَدَنةٌ، يعني: جمل، تذبح جَمَلًا في مكةَ، وعليه هو جَمَلٌ، والحج لا يُجزئ عنهما، بل عليها أن تَحُجَّ حَجَّةً أخرى، وعليه أن يَحُجَّ حَجَّةً أخرى؛ لأن هذا هو حُكم من جامَعَ زوجته قبل التحلل الأول؛ لأنها تَذكُر هنا أن زوجها جامَعَها في ليلة مُزدلِفةَ. معنى ذلك: أنه قبل أن ترمي الجمرات يوم العيد، وقبل أن تطوف بالبيت، فإذا كان جامَعَها زوجها قبل رمي جمرة العقبة وقبل الطواف بالبيت، فحينئذٍ عليها بَدَنةٌ وعليه بَدَنةٌ كذلك، وعليها أن تقضيَ الحجَّ لأنه فاسدٌ، وعليه أن يقضيَ الحجَّ لأنه فاسدٌ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

س: تقول السائلة: توجد جارةٌ شيعيةٌ في السكن، هل تجوز زيارتها ومجالستها؟

ج: على كلٍّ، الشيعية هذه مصيبةٌ، إذا كانت من الشيعة، ما أدري هل عندنا شيعةٌ هنا؟ هذه مصيبةٌ، على كلٍّ، لا ينبغي أن تُزار الشيعية إلا لدعوتها إلى الله ؛ لأن الشيعة يقولون بأن عليَّ بن أبي طالب هو الله؛ أعوذ بالله، نسأل الله العافية. بعض الشيعة الغُلاة الروافض -وهم جماعة الخُميني- عندهم اعتقاداتٌ باطلةٌ تُخرِج عن الإسلام.

فينبغي للمسلمة ألا تزور الشيعية، ولا تدخل عليها، ولا تأتيها أبدًا، إلا إذا أرسلت إليها بصدقةٍ أو كذا من باب حُسن الجوار، لكن عليها ألا تُجالسها وتبقى معها إلا إذا أرادت أن تدعوَها إلى الله ، ولا تأكل عندها أبدًا.

س: هل يجوز للمرأة التي عندها العادة أن تُمسِك القرآن في وقت اختبارٍ؟ وشكرًا.

ج: على كلٍّ، المرأة لا يجوز لها أن تُمسِك القرآن، لا في وقت الاختبار ولا في غيره، أعني: إذا كانت حائضًا، إلا إذا كان هناك حائلٌ، يؤخَذ لها حائلٌ، أو تُمسِك المُدرِّسة القرآن، فلا بأس بذلك، ولا بأس أن تقرأ، هذه الفتوى صدرت من الإفتاء بأنه لا بأس بأن تقرأ الطالبات وقت الاختبار ووقت الاستذكار، لكن حفظًا غيبًا، لا تُمسِك المصحف بيدها، ولكن عليها أن تجعل المُدرِّسة تُمسِك لها أو أختها أو غير ذلك، لا بأس.

س: تقول: لقد ساهمتُ بمبلغٍ من المال قدره عشرة آلاف ريالٍ في إحدى الشركات الوطنية المُساهمة، وعند مُراجعتي لهم اتضح لي أن المبلغ الذي ساهمتُ به قد ارتفع إلى خمسين ألف ريالٍ، وقد تَسلَّمْتُ المبلغ، ولا أعلم: هل هو حلالٌ أم حرامٌ؟ قد كثرت الأقاويل في ذلك؛ منهم من يُحَلِّل، ومنهم من يُحَرِّم، من غير دليلٍ؛ لذلك أطلب من الله سبحانه وتعالى، ثم منكم، توضيح ذلك.

ج: على كلٍّ، إذا كانت المُساهَمة حلالًا، يعني مثال ذلك: شركة الراجحي، لو قالوا: "هنا مُساهَمةٌ إسلاميةٌ، عندنا أراضٍ، وعندنا مزارعُ، وعندنا حديدٌ نبيعه، وساهِموا، مَن يريد أن يساهم بكذا وكذا"، فساهَمَ الناس، فلا بأس، والحمد لله. أما إذا كانت بالربا، فهذا لا يجوز. إذا كان مثلًا قال: "أعطونا ألف ريالٍ، وبعد سنةٍ -إن شاء الله- نُعطيكم ألفَي ريالٍ"، "أعطونا عشرين ألف ريالٍ، ونعطيكم -إن شاء الله- بعد شهرٍ أو شهرين أو سنةٍ أو سنتين ثلاثين ألف ريالٍ"؛ فهذا ربًا لا يجوز.
أما المُساهَمة بحيث لو قالت الشركة: "عندنا أراضٍ، وعندنا مؤسساتٌ، وعندنا حديدٌ نريد أن نبيعه ونشتريه، من أراد أن يساهم معنا نأخذ فلوسه ونقوده ونبيع بها ونشتري، ثم بعد ذلك نجمع رؤوس المال ونوزِّع الأرباح، وكل إنسانٍ يأخذ ربحه على حسب مُساهَمته"؛ فهذا لا بأس به والحمد لله، ما لم يكن فيه حرامٌ.

س: تقول السائلة: هل يجوز أن أزور أطفالي في بيت زوجي الذي طلَّقَني سابقًا، والأطفال موجودون عند والدتي وعمي الذي هو والد زوجي السابق، وعمي زوج أمي؟ ولكم جزيل الشكر.

ج: لا بأس، الزيارة لا بأس بها، لكن بالتزام الأوامر الإسلامية، تزورين أولادك ولا تقولي: "كيف حالك؟". أقصد: لا تجلسي مع الزوج الأول في غرفةٍ واحدةٍ، وإذا دخلتِ في البيت مُتحجبةً مسلمةً تدخلين مع أولادك في مكانٍ بعيدٍ من الرجال، وبعيد من الزوج الأول، لا بأس والحمد لله، هذا لا بأس به. أما أن تدخلي: "كيف حالك يا فلان؟ والسلامة! الله المستعان، تَرَكْتَنا وَخَيَّبْتَنا، الله المستعان!"، لا، لا يجوز لها أبدًا، بل تزور أطفالها على الطريقة المشروعة، والحمد لله.

س: تقول: هل للمرأة أذانٌ إذا دخل وقت الصلاة؟

ج: ليس على المرأة أذانٌ ولا إقامةٌ، المرأة ليس لها أن تُؤذِّن، وليس لها أن تُقيم، والحمد لله.

س: هل للمرأة إذا سمعت الأذان أن تُصلِّي، أم تنتظر حتى إقامة المسجد للصلاة؟

ج: تُصلِّي المرأة إذا دخل الوقت، إذا تأكدت أن الوقت دخل، فحينئذٍ تصلي، ليست مربوطةً بالأذان، لكنها إذا ما تعرف الوقت تنتظر حتى تسمع الأذان، فإذا سمعت الأذان الحمد لله، وتعرف الوقت، تتأكد أن الوقت دخل ثم تصلي، والحمد لله.
أما الفجر فعليها أن تتأكد، أن تعرف الوقت، يعني: ربما يكون عندها التباسٌ في الفجر؛ فعليها أن تتأكد، لا تُصلِّي إلا بعد أن تتأكد أن الفجر قد طلع.

س: هل على المرأة أن تدفع زكاة الذهب إلى أمها إذا كانت تستحق؟ علمًا أنها أرملةٌ.

ج: تقول: هل للمرأة أن تدفع زكاة الذهب إلى أمها إذا كانت أمها فقيرةً؟ لا؛ لأن الزكاة لا تجوز للأب ولا للأم. الزكاة لا تصلح للأب ولا للأم؛ وإنما الزكاة تكون للفقراء والمساكين والعاملين عليها كما حدَّدهم الله . أما الأخ الفقير أو العم الفقير أو القريب الفقير الذي ليس أبًا ولا ابنًا ولا جدًّا ولا جدةً ولا غير ذلك؛ فلا بأس. أما الأم فلا، والأب لا، والابن لا.

س: هل لبس البُرْقُع حرام إذا وضعت فوقه ساتر؟

ج: على كلٍّ، البُرْقُع إذا كانت تستتر به المرأة فلا بأس، إذا كانت تلبسه من أجل النساء في البيت عند النساء فلا بأس، أما أن تلبسه من أجل الرجال، أو تلبس عليه غِطاءً خفيفًا فلا، لا ينبغي.

س: هل على الذهب زكاةٌ إذا كان يُلبَس؟

ج: نعم، الذهب عليه زكاة على القول الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لِما ثَبَتَ عن النبي عليه الصلاة والسلام في "سنن أبي داود" وغيره، أنه عليه الصلاة والسلام رأى امرأةً على بنتها سِوارَين من ذهبٍ، فقال: أتُعطين زكاة هذا؟، قالت: لا. قال: أيَسُرُّكِ أن يُسوِّرَكِ اللهُ بهما يومَ القيامةِ سِوارَين من نارٍ؟، فخلعَتْهما فألقَتْهما إلى النبيِّ ، وقالت: "هما لله ولرسوله"[27].
فالقول الصحيح من أقوال أهل العلم: هو أنَّ على الحُلِيِّ الملبوس زكاةً.

^1 رواه النسائي في "السنن الكبرى": 11341، وأحمد في "المسند": 26575، وصحَّحه محققو "المسند".
^2 البيتان لأبي العتاهية. يُنظر: "ديوان أبي العتاهية": ص34.
^3 البيتان لأبي عبدالله القحطاني. يُنظَر: "القصيدة النونية" للقحطاني: ص29- 30.
^4 رواه ابن ماجه: 4171، وأحمد في "المسند": 23498، وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع": 742.
^5, ^16 سبق تخريجه
^6 رواه البخاري: 6540، ومسلم: 1016.
^7 رواه الترمذي: 614، وأحمد في "المسند": 14441، وصحَّحه محققو "المسند".
^8 رواه البخاري: 2840، ومسلم: 1153.
^9 رواه مسلم: 1163.
^10 رواه الترمذي: 761 بنحوه، وابن ماجه: 1708، وأحمد في "المسند": 21301 واللفظ له، وصحَّحه محققو "المسند".
^11 رواه أحمد في "المسند": 1661، وابن حبان في "صحيحه": 621، والطبراني في "المعجم الأوسط": 8805، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 1932.
^12 رواه أبو داود: 4173، والترمذي: 2786 بنحوه، وأحمد في "المسند": 19578، وحسَّنه الألباني في "صحيح  الترغيب والترهيب": 2019.
^13 سبق تخريجه.
^14 رواه البخاري: 5885.
^15 رواه البخاري: 6306.
^17 رواه أبو داود: 5088، والنسائي في "السنن الكبرى": 9759 بنحوه، وأحمد في "المسند": 528 بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح الجامع": 6426.
^18 رواه الترمذي: 3464، وأبو يعلى في "مسنده": 2233، والبغوي في "شرح السنة": 1265، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 1540.
^19 رواه البخاري: 6405.
^20 رواه أبو داود: 5095، والترمذي: 3426، والنسائي في "السنن الكبرى": 9837، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 1605.
^21 رواه أبو داود: 5094، والنسائي: 5539 باختلافٍ يسيرٍ، وابن ماجه: 3884 بنحوه، والطبراني في "المعجم الكبير": 726، وصحَّحه الألباني في "صحيح سنن النسائي": 5061.
^22 رواه أبو داود: 5095، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 1605.
^23 رواه أحمد في "المسند": 9675، وابن حبَّان في "صحيحه": 4465، والحاكم في "المستدرك": 7532، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 2560.
^24 رواه البخاري: 1462، ومسلم: 79 بنحوه.
^25 رداء خارجي بلا أكمام يُطرح على الكتفين. يُنظر: "معجم اللغة العربية المعاصرة" لأحمد مختار عمر: 3/ 1889.
^26 رواه مسلم: 91.
^27 رواه أبو داود: 1563، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 768.