تخطى إلى المحتوى

نبذة

أسباب النصر؛ لكن ينبغي للإنسان أن يُمكِّن ذلك من قلبه حتى يكون مُوقِنًا بذلك مُصدِّقًا لا يعتريه أدنى شكٍّ في ذلك

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كَتَبَ الذل والهوان والخَسارة والتعاسة لمَن خالف أمره، واتَّبع هواه، وترك أمره تبارك وتعالى.

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ فقد بعثه الله رحمةً للعالمين وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، وبعثه ربنا تبارك وتعالى بالسيف بين يدي الساعة، وجعل تبارك وتعالى الذل والهوان والصَّغار لمَن خالف أمره صلوات الله وسلامه عليه، وجعل رزقه تحت ظل سيفه صلوات الله وسلامه عليه، وقال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: مَن تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم[1].

الثقة بالله مصدر النصر والتمكين

أما بعد:

أيها الإخوة في الله، فالنصر والتوفيق والعزة والتمكين والفوز؛ هذه الأشياء كلُّها بيَدِ الله تبارك وتعالى.

قد سمعنا في بعض الخطب الماضية، وسمعنا كذلك من أهل العلم، الكثير عن أسباب النصر؛ لكن ينبغي للإنسان أن يُمكِّن ذلك من قلبه حتى يكون مُوقِنًا بذلك مُصدِّقًا لا يعتريه أدنى شكٍّ في ذلك؛ ولذلكم بيَّن الله للنبي ولأصحابه أن النصر من عند الله .

وهذه الثقة بالله والتوكل عليه، الثقة بالله وأنه نصير المؤمنين، وأنه تبارك وتعالى نعم المولى ونعم النصير؛ فإذا ثَبَتَ ذلك في قلب كل مُسلِمٍ نَصَرَه الله تبارك وتعالى.

ولذلكم حينما وَعَدَ اللهُ تبارك وتعالى النبيَّ صلوات الله وسلامه عليه بالملائكة، والنصر بالملائكة، وإمداده بالملائكة، قال الله للنبيِّ صلوات الله وسلامه عليه ولأصحابه: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [آل عمران:125]، بعد أن قال تبارك وتعالى: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا، ثم بيَّن ربُّنا في آخر الآية قال: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ؛ أي: مُعلَّمين، وذلك لا يكون إلا بالصبر والتقوى، والتقوى قد سمعتم تعريفها في بعض الخُطب الماضية.

بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا، ثُمَّ بيَّن الله في آخر الآية قال: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران:126].

هذه الملائكة، وهذا الإمداد بالملائكة لا يعني أن هذا هو النصر المُنزَّل، ولكن النصر من عند الله ؛ وإنما هذه أسبابٌ لا يُعتمَد عليها، وإنما الاعتماد على الله الذي لا إله إلا هو. لا يُعتمَد على قوةٍ ولا يُعتمَد على إمدادٍ بالملائكة، أو بأي قوةٍ أُخرى غير قوة الله : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران:126]، وقال في آيةٍ أخرى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:10].

فهل وَقَرَ ذلك في قلوبنا؟ هل وَقَرَ ذلك في قلوب جميع المسلمين؟ بأن النصر من عند الله، وأن العزة والتمكين من عند الله تبارك وتعالى، وأن الفوز وغير ذلك من أسباب التوفيق، كل ذلك من عند الله تبارك وتعالى. وبذلكم غَرَسَ النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه ذلك في قلوب أصحابه .

تجلِّي عبادة التوكل على الله في غار ثورٍ

وحينما سأله أبو بكرٍ قال: "يا رسول الله، لو نظر أحدُهم تحت قدميه لرآنا"، المُشرِكون تبعوا النبيَّ وأرادوا قَتْلَه وصاحبِه أبي بكرٍ ، وحينما دخلا في الغار مَرَّ المُشرِكون من فوق النبي صلوات الله وسلامه عليه، على الحجارة، وكانت هناك فُتحةٌ، يعني: تؤدي بالنظر إلى النبيِّ صلوات الله وسلامه عليه وأبي بكرٍ، فحينئذٍ يراهم أبو بكرٍ ، فيقول:"لو نظر أحدُهم تحت قدميه لرآنا"، فقال له النبي صلوات الله وسلامه عليه: يا أبا بكرٍ، ما ظنُّكَ باثنيْنِ اللهُ ثالِثُهما؟![2].

هؤلاء القوم تجمَّعوا وتكاتفوا وتعاونوا على قَتْلِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، ولكنَّ الله أعمى أبصارهم، حتى أنه خرج صلوات الله وسلامه عليه من باب بيته، وهم قد أجمعوا على الباب وقد تحلَّقوا لقتل النبي عليه الصلاة والسلام، ففَتَحَ البابَ وهم ينظرون! ولكن الله أعماهم.

وقد رُوِيَ بأنه أَخَذَ قبضةً من ترابٍ، وصار يجعل على رؤوسهم التراب؛ لأنه قد وَثَقَ بالله، اعتقد بأن النصر مِن الله الذي لا إله إلا هو: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46]، أعمى الله أبصارهم وهم ينظرون بأبصارهم! لأن النصر من عند الله تبارك وتعالى.

نجاة إبراهيم عليه السلام درسٌ في التوكل والثبات

إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، أجمعت الأُمَّة -أي: في عهده- أو أجمع قومُه على أن يقتلوه، وأجمعوا كلُّهم على أن يُلقوه في النار، وفعلًا فَعَلُوا ذلك ورَمَوْه بالمنجنيق، أي: رموه حتى يكون في وسط النار. وحينما كان بين السماء والأرض نزل في النار مرميًّا به كالطلقة أو كالقذيفة، وحينما وقع في النار نادى النارَ: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]؛ فكانت النار بَرْدًا وسلامًا على إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه.

هذا دليلٌ واضحٌ على أن الأُمَّة لو اجتمعتْ على شخصٍ، أو البشرية كلهم، أو المخلوقات كلها لو اجتمعتْ على شخصٍ تُريد إذلاله أو تُريد قَتْلَه؛ لا يُمكِن لهم ذلك إلا بإذن الله تعالى؛ ولذلكم ربَّى النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه أصحابَه على ذلك. يقول النبيُّ عليه الصلاة والسلام لعبدِالله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، حينما كان رَدِيفَه على حِمارٍ، قال: يَا غُلامُ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كلماتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ.

من أسباب النصر، ومن أسباب التوفيق، ومن أسباب التمكين: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ.

احْفَظِ اللهَ بأوامره والقيام بواجباته والابتعاد عمَّا حرَّم الله عليك؛ يَحْفَظْكَ في أهلك ومالك ودُنياك وأُخراك، ويَحْفَظْكَ أعظمَ الحفظ من النار، ويُدْخِلْكَ الجنة.

احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ؛ أي: معك، يُرافِقك بتوفيقه ونصره وإعزازه وفلاحه.

احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك، إذا استَعَنْتَ فاسْتَعِنْ بالله: استَعِنْ بربِّك الذي لا إله إلا هو، لا تتوكل على غيره، لا تتوكل على غير الله، لا تخشَ غير الله، لا يأخذك الرعب والخوف من غير الله .

قال: تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة: 4].

إذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ بِاللهِ، وإذا سَأَلْتَ فاسألِ اللهَ، واعلمْ أنَّ الأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ على أنْ يَضُرُّوكَ بشيءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بشيءٍ قد كَتَبَه اللهُ عليكَ. الله أكبر! هذا من أعظم التوكل، ومن أعظم الاعتماد على الله ، ومن أعظم الثقة بالله تبارك وتعالى. والتوكل عليه: أن الإنسان المُؤمِن إذا أَخَذَ بالأسباب، وأَخَذَ بما أمره الله ؛ لا يخشى إلا الله، ولا يتوكَّل إلا على الله، ولا يأتيه الخوف والرعب إلا من الله الذي لا إله إلا هو.

قال: واعلمْ أنَّ الأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ على أن ينفعوكَ بشيءٍ، لَمْ ينفعوكَ إلا بشيءٍ قد كَتَبَهُ اللهُ لكَ؛ وإنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُّوكَ بشيءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بشيءٍ قد كَتَبَه اللهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ[3].

هذا حديثٌ عظيمٌ، رواه الإمام الترمذيُّ بإسنادٍ حسنٍ. حديثٌ عظيمٌ، وهو من أدلة العقيدة والاعتماد على الله .

وإذا ثَبَتَ معنى هذا الحديث في قلب كل إنسانٍ -جُنديٍّ أو غيرِه- كان مِن أعظم الناس قوةً، ومِن أعظم الناس نصرًا، بالله ، ومن أعظم الناس حفظًا وتوفيقًا وتسديدًا وفلاحًا، وفوزًا في الدنيا والآخرة.

لو اجتمعتِ الأُمَّةُ على أن يَضرُّوا هذا الإنسان بشيءٍ، لم يَضرُّوه إلا بشيءٍ قد كَتَبَه اللهُ عليه، وهذا يعني: أن الإنسان إذا تمكَّن هذا الحديثُ في قلبه، لو رأى الناسَ يجتمعون ويُعِدُّون له العُدَدَ من كل مكانٍ، وهو عنده إيمانٌ بالله ؛ لا يُمكِن أن تَضِيع ثقتُه بالله ، وإنما قلبُه مُعلَّقٌ بالله تبارك وتعالى؛ لأنه القادر على ذلك.

دروس التوكل المُستفادة من قصة الغلام المُؤمِن

ولذلكم من هذا النوع: ما فعله صاحب الأخدود، أو غلام الملك الذي كان في نجران، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، والحديث في "مُسلمٍ"[4]، قال النبي عليه الصلاة والسلام: كان مَلِكٌ فيمن كان قَبْلَكم، وكان له ساحِرٌ...، فكَبِرَ الساحرُ؛ فحينما كَبِرَ الساحرُ أَمَرَ غُلامًا بأن يتعلَّم السِّحر منه.

وكان هذا الغلام مُؤمِنًا بالله على طريقة النصرانية؛ أي: قبل الإسلام، قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن بعد بعثة النبي صلوات الله وسلامه عليه لا دينَ إلا دينه صلوات الله وسلامه عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام والذي نَفْسي بيده، لا يَسمع بي يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثُمَّ لا يؤمِن بي، ويموت على ذلك، إلَّا دَخَلَ النارَ[5].

فذهب هذا الغلام يتعلَّم السحر من الساحر، وقدَّر الله له ووفَّقه إلى راهبٍ؛ أي: عابدٍ على دين النصرانية كان في طريقه، وكان يَمُرُّ عليه، وكان يُعلِّمه ويتأخر على الساحر؛ فحينئذٍ سار يُعاقبه الساحر، وحينما كان يُعاقبه شكا ذلك إلى الراهب؛ فقال الراهب: إن عاقبك الساحرُ فقل: أخَّرني أو حبسني أهلي، وإن عاقبك أهلُك على التأخر فقل: حبسني الساحر؛ يعني: طريقةٌ يَسلَم بها من العقاب.

وفي يومٍ من الأيام، كان هذا الغلام مُحتارًا في طريقه، فرأى الناس قد تجمَّعوا في مكانٍ في طريقٍ يؤدي إلى الساحر، فوجد دابَّةً عظيمةً -أي: دابَّةً مخلوقةً من مخلوقات الله - قد أغلقت على الناس طُرقاتهم، فحينئذٍ قال: "اليومَ أَعْلَمُ أَعَمَلُ الساحِر.."، كان مُرتابًا ما يدري: هل الحقُّ مع الساحر أو مع الراهب؟

قال الغلام: "اليوم أَعْلَمُ أَعَمَلُ الساحِر أحبُّ إلى الله أم عَمَلُ الراهِب؟"، فأخذ حَجَرًا صغيرًا ثم دعا الله . الناس قد اجتمعوا، لم يستطيعوا أن يُنقذوا أنفسهم من هذه الدابة، فأخذ حَجَرًا صغيرًا ثم قال: اللهمَّ إن كان عَمَلُ الراهِب أَحَبَّ إليك من عَمَلِ الساحِر فاقتُلْ هذه الدَّابَّةَ، ورمى بالحَجَر الصغير؛ فقُتِلَتِ الدابَّةُ وماتت، وهو شابٌّ صغيرٌ بين هذه الأمم وبين هذا الجمهور، وسكت. فمضى الناس في طُرقاتهم، ورجع إلى الراهب.

ترك الغلامُ الساحرَ، وعَلِمَ بأن عمل الراهب أَحبُّ إلى الله من عمل الساحر، فرجع إلى الراهب وأخبره، فقال: إنك ستُبتلَى فعليك أن تصبر، ولكن إذا ابتُليتَ فلا تدلَّ عليَّ.

وذهب الغلام، وأعطاه الله مُعجزةً، أعطاه الله كرامةً بأنه يبرئ الأكمه والأبرص. والأكمه: هو الذي يُولَد أعمى، يُولَد لا يُبصِر. والأبرص: هو معروفٌ، مرض البَرَصِ المعروف عند الناس.

وحينئذٍ كان جليسٌ للمَلِك أعمى، فأُخبِر بهذا الغلام، وأنه قد تخرَّج من مدرسته التي بعثه إليها الملك، فذهب إليه بأموالٍ طائلةٍ، وقال: ما ها هُنا لكَ إن أنت شفيتني. فقال الغلامُ المُؤمِن: أنا لا أشفي ولكن الله هو الذي يشفي؛ فإن أنتَ آمنتَ بالله وكفرتَ بما يُعبَد من دون الله، دعوتُ الله لك فشفاك؛ فآمن بالله، فدعا الله له؛ فشفاه؛ فرجع مُبصِرًا يرى الطريق إلى الملك. فجاء عند الملك وجلس عنده، وقال: من ردَّ عليك بصرَك؟ قال: ربي. قال: أوَلَكَ ربٌّ غيري؟ قال: نعم، ربي وربُّك الله، فأخذ يُعاقبه حتى دلَّ على الغلام، فجيء بالغلام، فأخذ يُعاقبه حتى دلَّ على الراهب.

فاجتمع الثلاثة أمام هذا الطاغية، وحينئذٍ أخذ الراهبَ ليعذبه، وقيل له: ارجع عن دينك، فلم يرجع؛ فوضع المِنشار في مَفْرِق رأسه فشُقَّ نصفين، وهؤلاء الثلاثة ينظرون.

ثم جاء هذا الخبيث إلى الأعمى، الذي كان أعمى وآمن بالله، فقال: ارجع عن دينك؛ لكن الإيمان قد وَقَرَ في قلبه، فحينئذٍ قال: لا أرجع عن ديني؛ فنُشِرَ من مَفْرِق رأسه نصفين.

فقيل للغلام: ارجع عن دينك، وإلا مصيرك مصيرهما. فقال: لا، لا أرجع عن ديني. فحينئذٍ قال الملك لجماعةٍ من الناس: اذهبوا به، فإذا بلغتم به أعلى الجبل في مكان كذا وكذا، فإن لم يرجع عن دينه فألقوه من الجبل، فذهبوا.

ولكن هذا الغلام عنده ثقةٌ بالله ، عنده اعتمادٌ على الله، لا يخشى من هذه القوة، ولا يخشى من هذا الطاغية، إنما قلبه مُعلَّقٌ بالله. وحينما صعدوا به وكان في أعلى الجبل، نادى ربه وقال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ؛ فتحرَّكت الحجارة بأمر ربها، وتحرَّك الجبل واضطرب وتقلَّبت بهم الحجارة؛ فماتوا كلهم، ولم يبقَ إلا هو، فرجع -ولم يقل: أنا سأفر- لكنه رجع إلى الملك، وقال حينما أتى إليه: أين الناس، أو أين النفر الذين ذهبوا معك؟! قال: كفانيهم الله تعالى. بقوةٍ وثقةٍ بالله .

فقال الملك لجماعةٍ آخرين: اذهبوا به وألقوه في البحر، فذهبوا به على قرقورٍ، أي: على سفينةٍ صغيرةٍ، وحينما بلغوا البحر، وهو قد عَرَفَ الله وعَرَفَ قوة الله ، قال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ؛ فانقلب القاربُ بالناس وماتوا جميعًا إلا هذا الغلام، ورجع بثقته بالله .

لو لم تكن عنده ثقةٌ بالله ما رجع إلى هذا الطاغية. فرجع اليه، وقال: أين ذهب الناس أو الجماعة الذين كانوا معك؟! قال: كفانيهم الله تعالى.

فحينئذٍ قال له: لا يُمكِن أن تقتلني إلا بأوامرَ أُصدرها عليك، فإن أنتَ فعلتَ ذلك؛ فستقتلني بإذن الله تعالى.

قال: وما هي؟ يريد أن يتخلص من هذا الشاب القوي بالله .

قال: تجمع الناس كلهم، تجمع جميع المملكة التي أنت تملكها كلهم، ثم تصلبني على جذعٍ -أي: جذع نخلةٍ- ثم تأخذ سهمًا من كنانتي -وأخبره بالطريقة- ثم قال: تُسدِّد عليَّ، وتقول: بسم الله ربِّ الغلام، بسم الله ربِّ الغلام؛ فحينئذٍ تقتلني بإذن الله تعالى، ولا يُمكِن أن تقتلني إلا بهذه الطريقة.

فهذا الطاغية يريد أن يتخلص من هذا الآدمي، من هذا القوي بالله ! فجمع الناس؛ لأنه قد وَثَقَ بكلام الغلام. لم يستطع أحدٌ أن يقتله.

فحينئذٍ جمع الناس في موكبٍ عظيمٍ، وفي مهرجانٍ عظيمٍ، ثم عمل ما أمره به الغلام، فقال: بسم الله -أمام الناس، أمام البشر- بسم الله ربِّ الغلام، ثم أطلق عليه السهم، فوَقَعَ في صَدْغِه، فوضع يده على صدغه، ومات.

فقال البشر الموجودون: آمنا بربِّ الغلام، آمنا بربِّ الغلام، آمنا بربِّ الغلام.

فحينئذٍ أسلموا لله رب العالمين، وبقي هو ومن لم يُوفَّق لاتِّباع أمر الله . حينئذٍ قيل له: والله، لقد وقعتَ فيما فررتَ منه. فحينئذٍ أمر بالأخدود فخُدَّتْ وأُضْرِمتِ النيران فيها، ومَن لم يَرجِع عن دينه أُلقِيَ في ذلك الأخدود، حتى كان آخرهم امرأةً، كان معها طفلٌ صغيرٌ، قيل بأنه كان رضيعًا، فحينئذٍ تقاعست المرأة رحمةً بطفلها، فأنطق الله الغلام، فقال: يا أمي! أقدمي، فإنك على الحق؛ فتقدَّمت وألقت بنفسها في النار.

الخلاصة: هذا الغلام وَثَقَ بالله واجتمع عليه الناس، ولكن الله أنجاه؛ لأنه عنده ثقةٌ بالله ولا يخشى إلا الله.

فعلينا جميعًا أن نثق بالله، ونتوكل عليه، ولا نخشى إلا هو، والنصر لمن فعل ذلك.

أسأل الذي لا إله إلا هو، بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا، أن يرزقنا وإياكم وجميع المسلمين الثقة به، والاعتماد عليه قولًا وعملًا واعتقادًا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنبٍ؛ إنه هو الغفور الرحيم.

***

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمُتَّقين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليما كثيرًا.

أما بعد:

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله تعالى، وخير الهَدي هَديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمور مُحدَثاتُها، وكل مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار.

أيها الإخوة في الله؛ إنَّ من أسباب النصر -كما سمعتم- الثقةُ بالله تعالى، وإنه القادر على كل شيءٍ، وإنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: كُنْ فَيَكُونُ، بقُدرته وتوفيقه.

نموذج مُعاصرٌ لرجوع النصر إلى الله وحده

وأذكر لكم ما ذكره لي بعض الثقات؛ بأن هناك حادثةً حدثت في أفغانستان في الأشهر الماضية، وأنهم اعتمدوا على الله وتوكلوا على الله ، وعلموا بأن الله القادر وأنه النصير تبارك وتعالى لعباده المؤمنين. فحينما أُطلقت عليهم الغازات السامَّة، سألوا الله أن يَرُدَّها على أعدائهم، وسألوا الله تبارك وتعالى أن يَرُدَّها في نحور أعدائهم. فحينئذٍ قالوا بأن هذه الغازات السامَّة تجمَّعتْ كالسُّحب في السماء، ثم رجعتْ وأرجعها الهواء والرياح إلى أعدائهم؛ فقتلتْهم بحمد الله تعالى وبتوفيقه، وهم لم يُصبهم بأسٌ بإذن الله تعالى.

الاعتماد على الله والتوكل على الله ، مع الأخذ بالأسباب؛ من أعظم أسباب النصر، ومن أعظم التمكين في الأرض. فالمسلم عليه أن يَثِقَ بربِّه تبارك وتعالى.

أخبرني بعض الناس -بل بعض الثقات- في ليلة البارحة، بأنه كان ذاهبًا إلى المسجد يوم الجمعة، فكان يقول: لا إله إلا الله، اللهم انصرنا، اللهم انصرنا على صدَّامٍ وأعداء الإسلام. فكان رجلٌ كبيرٌ في السن يقول: تريد أن يصل دعاؤك إلى صدَّامٍ هناك في العراق، هذا شيءٌ مستحيلٌ! يأتي دعاؤك ويذهب إلى صدامٍ يُصيبه!

سبحان الله العظيم! هذي عدم ثقةٍ بالله ، وعدم توكلٍ على الله ، وعدم حسن ظنٍ بالله ؛ ولذلكم يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: أنا عند ظنِّ عبدي بي[6].

قصة أصحاب الغار.. والدعاء بصالح الأعمال

فإذا كان العبد يظنُّ بالله ظنًّا حسنًا، فالله يعطيه ظنَّه، وإذا كان يظنُّ بالله ظنًّا سيِّئًا، فالله ربما يعطيه ظنَّه؛ لأنه لم يَثِقْ بالله تبارك وتعالى، وبذلكم من وَثَقَ بالله تعالى نَصَرَه، وهذا يكون في أحوالٍ كثيرةٍ؛ منها: أن بعض مَن كان قبلنا، كما قاله النبي صلوات الله وسلامه عليه، وهذا يدخل في الدعاء لكن الدعاء بالثقة بالله تعالى، كان في مَن كان قبلنا، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام[7]، ثلاثةُ نفرٍ انطلقوا حتى آواهم المبيت إلى غارٍ من الغيران -أي: كهفٍ من الكهوف- فأصابهم المطر، فانحدرت صخرةٌ عظيمةٌ كالجبل العظيم وأغلقت باب الغار عليهم.

ثلاثةٌ لا حولَ لهم ولا قوةَ، ولا رافعاتٍ، ولا يعني: أي قوةٍ إلا بالله الذي لا إله إلا هو. فنظر بعضُهم إلى بعضٍ وقالوا: لا يُنجِينا من هذه الطامَّة إلا أن ندعوَ الله بصالح أعمالنا.

فقال الأول: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أَغبِق قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى بي الشجر يومًا فلم أَرُح عليهما حتى ناما، فحلبتُ غَبُوقَهما وجعلتُه على كفِّي أنتظر استيقاظهما، فاستيقظا بعد أن بَرِقَ الفجر، والصبية كانوا يَتضاغَوْن؛ أي: كانوا يصيحون عند قدمي؛ ولكني لم أسقهم انتظارًا لاستيقاظ والديَّ -وهذا معنى الحديث-، قال: فاستيقظا، فسقيتُهما غَبُوقَهما. اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، فافرُجْ عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة؛ فارتفعت الصخرة قليلًا.

الأوامر الإلهية: كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82]، أَمَرَ الصخرةَ بأن ترتفع قليلًا؛ فارتفعت قليلاً ورأوا النور، لكنهم لا يستطيعون الخروج!

وقال الثاني: اللهم إنه كان لي ابنة عمٍّ، وكنتُ أُحبُّها أشدَّ ما يُحبُّ الرجالُ النساءَ؛ فراودتُها يومًا عن نفسها، فأَبَتْ ومَنَعَتْ، فذهبتُ حتى أَلمَّتْ بها سَنةٌ من السنين؛ فأتتْ إليَّ وسألتني شيئًا، فقلتُ: لا، حتى تُخلِّي بيني وبين نفسِك؛ فوافقتْ على ذلك، وأعطيتُها مئةً وعشرين دينارًا. وحينما كنتُ بين رجليها، قالت: يا عبدَالله! اتَّقِ اللهَ ولا تَفُضَّ الخاتَم إلا بحقِّه. فحينئذٍ قال: تركتُها وتركتُ ما أعطيتُها من الدنانير. اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، فافرُجْ عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة؛ فارتفعت الصخرة مرةً ثانيةً، لكنهم لا يستطيعون الخروج!

وقال الثالث: اللهم إنه كان لي أُجراءُ، فأعطيتُ كل واحدٍ منهم أجرَه -أي: أُجرتَه-، وذهبوا إلا واحدًا لم يأخذ أجرَه -أي: أُجرتَه-؛ حتى أتاني في سَنةٍ من السنين، فقال: يا عبدَالله، أَدِّ إليَّ حقِّي. قال: ونمَّيتُه له؛ أي: نما وثَمُرَ هذا المال وتاجَرَ فيه ورَبِحَ؛ حتى كانت أموالًا عظيمةً من الإبل والبقر وغير ذلك من الرقيق. فقال: اذهب فخُذْ هذه الأموال، فإنها أجرُك؛ فقال: يا عبدَالله، أتستهزئ بي؟! فقال: لا. قال: فذهب وأخذها كلها، ولم يترك منها شيئًا. اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك، فافرُجْ عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة؛ فارتفعت الصخرةُ، فخرجوا يمشون بإذن الله تعالى.

هذه هي الثقة بالله والتضرع إليه.

التوكل قوة المُؤمِن في مُواجَهة المِحَن والمصائب

فالإنسان إذا حَزَبَه أمرٌ أو أصابته مُصيبةٌ، عليه أن يثق بأن النصر والتوفيق والتمكين والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة بيد الله، وأن القوَّات والأُمم كلَّها لو اجتمعوا على أن يَضرُّوه، والله الذي لا إله إلا هو لا يَضرُّوه إلا بما قد كَتَبَه الله له تبارك وتعالى.

فإذا وُجدت الثقة بالله أَمِنَ الناس ووَثَقُوا بالله ونُصِروا في الدنيا والآخرة؛ ولذلكم بعض الناس حينما وُزِّعت أوراقٌ في أول الحادثة أو في أول هذه الأحداث، أصابهم الرعب وأصابهم الخوف لعدم ثقتهم بالله ، وبعضهم أَمَرَ أولاده بألَّا يَخرُجوا من بيوتهم، والمُصيبة لم تحصل، والحمد لله، في هذه البلاد؛ لكنه إذا خرج إلى عمله أَمَرَ أولاده بأن يبقوا في بيوتهم.

وبعض الناس عَمَدُوا إلى الأسواق فأخذوا جميع ما فيها من الأرزاق وغير ذلك، وعبَّؤوا، يعني: وملأوا بيوتهم بالأرزاق وتركوا الفقراء! هذا اعتمادٌ على غير الله؛ اعتمدوا على الأكياس، واعتمدوا على الأمور المادية، وتركوا ربَّهم، وتركوا الخوف من الله، وتركوا أشياءَ أخرى! الماء، لم يأخذ ماءً، والماء قد يُقطَع. والغاز، لم يأخذوا غازًا، والغاز قد يُقطَع. قلوبهم مُعلَّقةٌ بالأكل، وقلوبهم قد وقعت في بطونهم. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

فلم يأخذوا بالأسباب، ولم يتوكلوا على الله ، وأحدثوا أمورًا أخرى ضرَّت المسلمين حينما فعل بعض الناس هذه المصائب: [يعني: غلت الأسعار، وارتفعت الأسعار في بعض الأمكنة].

ما السبب؟ لم يحصل شيءٌ، وإنما الذي حصل هي اعتقادات بعض الناس، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة. فالمسلم عليه أن يثق بالله. 

أعود إلى ما نُشر في أول الأحداث، وهو أنه -وربما سمعتموها- قد وُزِّعت أوراقٌ بين الناس وجُعلت في المساجد؛ كيف تُنقذ نفسك وأولادك وأهلك من الغازات السامَّة؟

أولًا: إذا رأيتَ السيارات في الشوارع تتصادم، ورأيتَ الطيور على الأشجار تتساقط؛ فحينئذٍ لا حيلةَ لك أبدًا، ما عليك إلا الموت، تُسلِّم نفسك أبدًا إذا كنت خارج المنزل، فلا حيلةَ لك ولا قوةَ ولا نصرَ ولا حياةَ أبدًا لك، ستموت! هذا من الحرب النفسية للمسلمين، هذه جريمةٌ عظيمةٌ!

أما إذا كنتَ في البيت، فتفعل كذا وتفعل كذا وتفعل كذا، ونَسِيَ بأن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون، ونَسِيَ بأن الإنسان لا يُصيبه إلا ما كَتَبَ الله له، ونَسِيَ بأن الله يقول: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ [الجمعة:8]، وقال: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78]، لو كان الإنسان في برجٍ مُشيَّدٍ، وكان في قصرٍ منيعٍ قد أُحكِمَتْ أبوابه وأُغلِقَتْ نوافذه، والموت قد قُدِّرَ له؛ فسيأتي إليه.

فالمسلم عليه أن يتقيَ الله ويثقَ بالله ؛ حتى ينصره وحتى يُوفِّقه.

النصر وعدُ المُتوكلين

أسأل الله الذي لا إله إلا هو، بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا، أن يجعلنا وإياكم من المُؤمِنين المُخلِصين المُتَّقِين الذين قد وَثَقُوا بنصر الله ، المُتوكِّلين على الله، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126]، وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان:58]، وقوله تبارك وتعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51].

فالمسلم عليه أن يثقَ بربِّه تبارك وتعالى، وهذا من أعظم أسباب النصر.

ومن أعظم أسباب الخذلان والخوف والهلع: هو عدم الثقة بالله ، والنظر إلى الأشياء المادية والقوات المادية. فإذا رأى بأن الدولة الفُلانية أو البشر الفُلاني أقوى منه عُدَّةً وأكثر عددًا؛ حينئذٍ يخاف وينسى الله الذي لا إله إلا هو، الذي أنجى محمدًا صلوات الله وسلامه عليه وأبا بكرٍ، وأنجى إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، وهو واحدٌ، هو القادر على أن يُنقذ جميع المُؤمِنين إلى يوم القيامة، كما قال الله : وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88]، وقال الله تبارك وتعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:51- 52].

هذا وصَلُّوا وسَلِّموا على خير خَلْقِ الله نبيِّنا محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه؛ فقد أَمَرَنا الله تبارك وتعالى بالصلاة عليه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّك محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابه أبي بكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلِمين، وأذلَّ الشرك والمُشرِكين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين.

اللهم آمِنَّا في دُورنا، وأصلِح ولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتَّبع رضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلِمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلِمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلِمين، وأذلَّ الشرك والمُشرِكين والشيوعيين والمُعتدين؛ إنك وليُّ ذلك والقادر عليه.

اللهم انصرنا جميعًا على أعدائنا، اللهم انصرنا جميعًا على أعدائنا.

نسأل الله الذي لا إله إلا هو، بأسمائه الحُسنى وصفاته العُليا، أن يُثبِّتنا على طاعته، وأن يرزقنا الإيمان الكامل والعمل الصالح، والثقة به تبارك وتعالى؛ فإن ذلك من أعظم النصر، وأعظم التوفيق والتمكين في الأرض.

كما أسأله تبارك وتعالى أن يوفِّق الجميع لما يُحبُّه ويرضاه، وأن يرزقنا التوبة النصوح؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، كما قال اللهُ : إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].

ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقنا بعد التوبة الاستغفارَ من الذنوب والخطايا؛ فإن ربَّنا تبارك وتعالى بيَّن أنه لا يُعذِّبنا ونحن نستغفر ونتوب إليه تبارك وتعالى.

ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار.

سبحان ربِّك ربِّ العزة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المُرسَلين، والحمد لله رب العاملين.

^1 رواه أبو داود: 4031، وأحمد في "المسند": 5115، وابن أبي شيبة في "المصنف": 20550، وصححه الألباني في "الإرواء": 1269.
^2 رواه البخاري: 3653، ومسلم: 2381.
^3 رواه الترمذي: 2516، وأحمد في "المسند" بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح الجامع": 7957.
^4 رواه مسلم: 3005.
^5 رواه مسلم: 153.
^6 رواه البخاري: 7405، ومسلم: 2675.
^7 رواه البخاري: 5974، ومسلم: 2743.