تخطى إلى المحتوى

نبذة

بيَّن تبارك وتعالى أن نهاية كل حيٍّ -كما سمعتُم- هي الموت، والمقصود من ذلك: الاستعداد للقاء الله تبارك وتعالى، وأخذ الأُهْبَة للقائه تبارك وتعالى، والابتعاد عن المُحرمات.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهْدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الموت على كل نفسٍ، وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيُّكم أحسن عملًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حثَّ أُمَّته على الإكثار من ذِكْر الموت، فقال صلوات الله وسلامه عليه: أَكْثِروا ذِكْرَ هاذِم اللَّذَّات[1]، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

نهاية كل مخلوقٍ الموت

عباد الله، قد حذَّرنا الله تبارك وتعالى، وأمرنا بكل خيرٍ، ونهانا عن كل شرٍّ، ومن ذلك: أنه تبارك وتعالى بيَّن في كتابه العزيز نهاية كل إنسانٍ على وجه الأرض؛ حتى يستعدَّ للقاء الله تبارك وتعالى، حتى يكون على أُهْبَة الاستعداد للقائه تبارك وتعالى؛ فيفوز بالسعادة الأبدية، فقال الله تبارك وتعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].

الله تبارك وتعالى حكم على كل نفسٍ حكمًا عامًّا: أنها ذائقة الموت، كما قال تبارك وتعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88]، وكما قال تبارك وتعالى في آياتٍ كثيرةٍ بيَّن فيها تبارك وتعالى أن الموت النهاية لكل البشرية، بل لكل المخلوقات، ولا يبقى إلا وجه الله الذي لا إله إلا هو، عالِم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض.

فعلى العبد أن يستعدَّ للقاء الله ، ويعمل من الصالحات، ويبتعد عن المُحرمات؛ حتى يفوز، وحتى يَسْعَد في الدنيا والآخرة.

فائدة ذِكْر الموت

لذلك بيَّن تبارك وتعالى أن نهاية كل حيٍّ -كما سمعتُم- هي الموت، والمقصود من ذلك: الاستعداد للقاء الله تبارك وتعالى، وأخذ الأُهْبَة للقائه تبارك وتعالى، والابتعاد عن المُحرمات.

فإذا فعل ذلك الإنسان، وحلَّ به الأجل؛ سَعِدَ في الدنيا والآخرة، ومهما هَرَبَ، ومهما نجا أو أراد النَّجاة لا يمكن له أن ينجو من الموت الذي هو نهاية كل حيٍّ؛ ولذلك يقول الله تبارك وتعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78]، ويقول الله في آيةٍ أخرى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة:8].

فالمقصود من ذِكْر الموت، والمقصود من الترهيب من الموت هو: العمل الصالح، أما الموت فسيأتي الإنسان، وسيُؤمن به شاء أم أبى، رَغِبَ في ذلك أم لم يرغب؛ لأن ذلك مُشَاهَدٌ بالحسِّ، ومعلومٌ عند الجميع، سواءٌ كانوا من الكفار أو من غيرهم، ولكن المقصود هو الاستعداد للقاء الله ؛ حتى لا يهجم الموتُ على الإنسان وهو مُضَيِّعٌ لفرائض الله، أو مُتَعَدٍّ لحدود الله، أو واقعٌ فيما حرَّم الله تبارك وتعالى عليه، فإذا حلَّ به الأجل وهو قد فرَّط فحينئذٍ يندم، ولا ينفع الندم.

كما يقول تبارك وتعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة:197]، فالتَّزود من التقوى هو خير الزاد، وهو خير الأعمال الصالحة؛ الزاد: التقوى.

كما قال القائل:

تَأَهَّبْ للذي لا بد منه فإنَّ الموت ميقات العبادِ
أترضى أن تكون رفيق قومٍ لهم زادٌ وأنت بغير زادِ؟[2]

وقال الآخر:

تَزَوَّدْ من التقوى فإنك لا تدري إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ؟
فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ وكم من عليلٍ عاش حِينًا من الدهرِ
وكم من صغارٍ يُرْتَجَى طول عمرهم وقد دخلتْ أجسادَهم ظُلْمَةُ القبرِ
وكم من فتًى يُمْسِي ويُصْبِح لاهيًا وقد نُسِجَتْ أكفانُه وهو لا يدري

الاستعداد للقاء الله سبب الفوز والسعادة في الدارين

فعليَّ وعليك أن نستعدَّ للقاء الله تبارك وتعالى؛ حتى نفوز في الدنيا، ونسعد في الدنيا والآخرة.

وبذلك أمر النبيُّ عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي سمعتُم بعضه؛ قوله : أكثروا ذِكْرَ هاذِم اللذَّات، فإنه إذا ذكر هاذِم اللذات -وهو الموت- ... ومعنى هاذِم اللذَّات أي: قاطع اللذات؛ يقطع لذَّة الشباب، ويقطع لذَّة المال، ويقطع لذَّة الصحة، وحينئذٍ ينتقل الإنسان من هذه اللذَّات الدنيوية إلى اللذَّات الأُخروية إن كان مُؤمنًا بالله ​​​​​​​، أو إلى العقاب الشديد يوم القيامة إن كان كافرًا أو مُنافقًا أو غير ذلك -نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة- وذلك لأن الإنسان إذا ذكر الموت استعدَّ للقاء الله تبارك وتعالى.

كما يُرْوَى عنه عليه الصلاة والسلام أن الموت ما ذُكِرَ في قليلٍ إلا كثَّره، وما ذُكِرَ في كثيرٍ إلا قَلَّلَه[3].

فإذا ذكره الإنسان المريض بالمرض المُزْمِن، أو الفقير بالفقر المُدْقِع، فحينئذٍ يعلم أن هذه الدنيا ستنتهي، وينتهي الغنى، وينتهي أصحاب الأموال وغيرهم من أصحاب الجَاهِ وأصحاب السلطان؛ فحينئذٍ يَقْنَع بما رزقه الله تبارك وتعالى، ويصبر احتسابًا لما يجده من ألمٍ وفقرٍ وغير ذلك.

وإذا ذكره الغنيُّ وصاحب الأموال الطائلة وصاحب الجاه، فإنه حينئذٍ يَصْغُر عنده كلُّ شيءٍ، فالجاه لا يُعْتبر عنده شيئًا؛ لأنه يتذكر أن أصحاب الجاه والسلطان الذين قد مضى عليهم الدهر قد تركوا ما حصَّلوا من الجاه والأموال، وانتقلوا إلى ما قدَّموا من أعمالٍ، فحينئذٍ يُحِبُّ لقاء الله ، ويرغب في الصالحات، ويبتعد عن المُحرمات، وبذلك يجد السعادة في الدنيا قبل الآخرة.

ثم يجد السعادة عند الموت، كما بيَّن الله ذلك للمؤمن عند سكرات الموت: أن الملائكة يتنزلون عليه ويُبَشِّرونه بالجنة، ويُبَشِّرونه بالراحة، ويُؤمِّنونه مما يخاف، ويُبَشِّرونه أن الله سيحفظ ذُريته من بعده وأمواله وأهله وغير ذلك: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30- 31].

هذا الكلام العظيم، وهذه البشرى العظيمة تأتي الإنسان حينما يكون في سكرات الموت، حينما يعلم علم اليقين أنه قد فارق الأهل والمال، وفارق الأولاد، حينئذٍ يسمع هذا الكلام من ملائكة الله تبارك وتعالى الذين يتنزَّلون عليه: أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ لا تخافوا مما أمامكم من أهوال يوم القيامة، ولا من عذاب القبر، ولا من المرور على الصراط، ولا من الوقوف بين يدي الله ، ولا تحزنوا على ما خلَّفتم من الأهل والأولاد والبنين والدَّين؛ فإن الله سيحفظ ذلك.

وبذلك يفرح المؤمن فَيُحب لقاء الله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: مَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومَن كره لقاء الله كره الله لقاءه[4].

وبذلك يسعد، ويسمع مَلَك الموت يقول عند رأسه: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوانٍ[5] وربٍّ غير غضبان[6]؛ فحينئذٍ يفرح ويُحب لقاء الله .

نسأل الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُليا أن يجعلني وإياكم وإخواننا المسلمين ممن يسمعون هذا الكلام العظيم، ويسمعون هذه البُشرى العظيمة، فإنها نعمةٌ عظيمةٌ، أعظم بُشرى يُبَشَّر بها الإنسان من وقت أن يُولد إلى أن يموت هي هذه البُشرى، فهي بُشرى عظيمةٌ، يعلم بأنه ينتقل إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض، ويفرح بذلك، وينسى الأهل والمال والولد، وغير ذلك، وهذه نعمةٌ من الله .

أسأل الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُليا أن يجعلنا وإياكم ممن يُنَادَون: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۝ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27- 30]، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو وأتوب إليه، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

***

الحمد لله ربِّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

عباد الله، إنَّ أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْي محمدٍ ، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتها، وكل مُحْدَثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار.

أيها الإخوة في الله، استعدُّوا للقاء الله ، تَأَهَّبوا للذي لا بد منه، فإنَّ الإنسان إذا استعدَّ للقاء الله تبارك وتعالى سَعِدَ وفرح عندما تخرج روحه من جسده، ولا يحزن حينما يحزن الحازنون، ولا يرتعب ولا يخاف إذا خاف الخائفون؛ لأنه قد قام بما أوجب الله عليه؛ قام بالصلوات المفروضة، وقام بالزكاة التي أوجب الله عليه، وحجَّ بيت الله تبارك وتعالى، وصام رمضان، وابتعد عن المُحرَّمات، وقام بالمُستحبَّات، فحينئذٍ يُحب لقاء الله تبارك وتعالى.

أقسام الناس عن الاحتضار

قسَّم الله تبارك وتعالى المُحْتَضَرين عند الموت إلى ثلاثة أقسامٍ، كما ذكرهم تبارك وتعالى، يقول الله : كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ۝ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ۝ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ۝ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ۝ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة:26- 30]، بيَّن الله أن الإنسان إذا بلغتْ روحُه التَّراقي -وهي العظام التي في التَّرْقُوة- وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ هل من طبيبٍ؟ هل من مُعالجٍ؟ هل من قارئٍ يقرأ على هذا الإنسان الذي دنا أجله؟ وليس له إلا ما أعدَّ الله له تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].

ثم قسَّم الله أحوال المُحْتَضَرين إلى ثلاثة أقسامٍ، كما قال تبارك وتعالى: فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ۝ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ۝ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ۝ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ۝ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الواقعة:83- 87].

فبيَّن الله أن الروح إذا بلغت الحلقوم، والله أقرب منا ومن ملائكته، والملائكة يجلسون مَدَّ البصر كما بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام[7]، ولكن الذين عند المُحْتَضَر لا يرونهم، والله تبارك وتعالى أقرب إلى هذا الإنسان بعلمه واطِّلاعه على خفاياه وما يتمنَّاه، فحينئذٍ هذه الملائكة ينظر إليهم الميت، كما بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح.

قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ في هذه الآية وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ۝ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ إن كنتم غير مُحاسَبين، إن كنتم غير مُصَدِّقين تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ إن كان عندكم حولٌ وقوةٌ، أو عندكم استطاعةٌ أن تُرْجِعُوا روح الميت: تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.

فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ [الواقعة:88] إن كان هذا الميت وهذا المُحْتَضَر من الذين حافظوا على الواجبات، وابتعدوا عن المُحرَّمات، وقاموا بالمُستحبَّات، وتركوا المكروهات، وتركوا بعض المُباحات: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ [الواقعة:89]، هذا الرَّوح: راحةٌ نفسيةٌ، وكذلك الريحان: راحةٌ نفسيةٌ واستراحةٌ، وجنةٌ عرضها السماوات والأرض: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ [الواقعة:90] الذين حافظوا على الواجبات، وابتعدوا عن المُحرمات: فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ [الواقعة:91] سلامةٌ وفوزٌ عظيمٌ من أصحاب اليمين.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ۝ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ۝ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ۝ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ۝ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:92- 96]، هذا هو حقُّ اليقين، واللهِ هو حقُّ اليقين.

وحق اليقين، وعلم اليقين، وعين اليقين.

علم اليقين هو: أن يسمع الإنسان بالخبر اليقين، كأن يُخْبِره خمسون من الناس بأنه قد سال هذا الوادي الذي بجانبنا.

وعين اليقين هو: أن يخرج ويرى هذا السَّيل العظيم.

وحقُّ اليقين هو: أن يخرج ويُخالط هذا السَّيل بقدميه.

فإنه حقُّ اليقين، سيُخالطه المُقرَّبون، وسيُخالطه أصحاب اليمين، وسيُخالطه الظالمون المُجْرِمون.

فعلى الإنسان المسلم أن يتأهَّب للقاء الله تبارك وتعالى، كما سمعتُم في الحديث: مَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومَن كَرِهَ لقاء الله كَرِهَ الله لقاءه، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا نبي الله، أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ليس كذلك، ولكنَّ المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته أحبَّ لقاء الله، فأحبَّ الله لقاءه، وإنَّ الكافر إذا بُشِّر بعذاب الله وسخطه كَرِهَ لقاء الله، وكَرِه الله لقاءه[8].

وهذا لا يكون إلا في الوقت المُحْرِج، في وقت الكرب والهمِّ والغمِّ لمَن لم يُوفَّق للطاعات عند الموت، يكره لقاء الله ، ويُحب أن ترجع روحه، ويقول: رَبِّ ارْجِعُونِ ۝ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99- 100].

وبيَّن الله في كتابه أن الملائكة يَبْسُطون أيديهم، ويأمرون الكفار أن يُخْرِجوا أنفسهم، ويُبَيِّنون لهم أنهم سيذوقون عذاب الهُون بما كانوا يكذبون على الله، وبما كانوا بآياته يستهزؤون.

وبيَّن الله أن الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم؛ لأنهم عَصَوا الله تبارك وتعالى، وابتعدوا عن طاعة الله، وبذلكم يخسرون الدنيا والآخرة، أما المؤمن فهو سعيدٌ في الدنيا والآخرة.

حال المؤمن والكافر عند انقطاعهم عن الدنيا

بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام حال المؤمن حينما يكون في انقطاعٍ من الدنيا، وحال الكافر حينما يكون في انقطاعٍ من الدنيا، وذلك في حديث البراء بن عازب الصحيح الذي رواه أهل السنن وغيرهم[9].

جاء في معنى الحديث: أنه حينما خرج في جنازة رجلٍ من الأنصار أخذ عودًا، ونَكَتَ في الأرض، ولمَّا يُلْحَد -أي: لم يُلْحَد هذا الرجل- فقال النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك: استَعِيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا، ثم استعاذ بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخرة، نزل إليه ملائكةٌ من السماء بِيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس ... حتى يجلسوا منه مَدَّ البصر.

هذا موكبٌ عظيمٌ، وجمعٌ غفيرٌ ينزل منه مدَّ البصر، ومعهم أكفانٌ من الجنة، وحَنُوطٌ من الجنة، ويأتي مَلَكُ الموت فيقف عند رأسه ويقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوانٍ، وإلى ربٍّ غير غضبان.

فحينئذٍ تخرج روحه كما تسيل القطرة مِن فِي السِّقَاء أي: من فم القِرْبَة، وحينما تخرج يأخذها ملك الموت، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عينٍ حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحَنُوط، فيصلي عليه كل مَلَكٍ في السماء، وكل مَلَكٍ في الأرض.

ثم يخرج أعظم ريحٍ وُجِدَتْ على وجه الأرض، فيُقال: ما هذا الروح الطَّيب؟ فيقولون: فلان ابن فلانٍ.

وحينئذٍ ما من أهل سماءٍ إلا يسألون الله تبارك وتعالى أن تصعد هذه الروح من قِبَلهم، فَيُشَيِّعه مُقَرَّبو السماء الدنيا إلى السماء الثانية، وتُفْتَح له أبواب السماء، وحينئذٍ يُشَيَّع من السماء الدنيا إلى الثانية، ومن الثانية إلى الثالثة، وهكذا، يُشيِّعه كلُّ مُقَرَّبي سماءٍ إلى السماء التي تليها حتى يصل إلى السماء السابعة، وحينئذٍ يقول الله ​​​​​​​: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ۝ كِتَابٌ مَرْقُومٌ [المطففين:19- 20].

ثم يسمعون مُناديًا يُنادي: أعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتُهم، وفيها أُعيدهم، ومنها أُخرجهم تارةً أخرى، فَيُطْرَح في قبره، وإنه ليسمع قَرْعَ نعال أصحابه حين يُولون عنه مُدْبِرين.

أصبح حيًّا في قبره، يسمع حركات أصحابه حين يُولون عنه مُدْبِرين، قد ذهبوا إلى أمواله وأولاده، قد ذهبوا إلى الميراث، وهو في قبره.

فيأتيه ملكان شديدا الانتهار، فيقولان له: مَن ربُّك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: مَن نبيُّك؟ فيقول: نبيي محمدٌ .

فَيُنْتَهَر مرةً أخرى، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمدٌ .

وهذه أعظم فتنةٍ تمرُّ على المسلم، وإذا نجح في هذا الاختبار العظيم في هذا القبر، إذا نجح في هذه الأسئلة الثلاثة اليسيرة على أهل الدنيا، لكنها صعبةٌ وغير يسيرةٍ على أهل المعاصي، ولو كانوا يحفظونها في الحياة الدنيا: وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ [إبراهيم:27].

ثم بعد ذلك يقال: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، ثم يُفْرَش من الجنة، ويُلْبَس من الجنة، ويُمَدُّ له في قبره مَدَّ بصره.

ويأتيه رجلٌ أو شابٌّ حسن الثياب، حسن المنظر، طيِّب الرائحة، فيقول: مَن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أَبْشِرْ بالذي يَسُرُّك ... أنا عملك الصالح، كنتَ -والله- ‌سريعًا ‌في ‌طاعة ‌الله، بطيئًا عن معصية الله.

فحينئذٍ يُفْتَح له بابٌ إلى الجنة، وبابٌ إلى النار، فيُقال له: هذا كان منزلك لو عصيتَ الله، أبدلك الله به هذا، فينظر، فحينئذٍ يقول: ربِّ أَقِم الساعة، ربِّ أَقِم الساعة؛ لأنه يرى ما أعدَّ الله له من القصور، ومن النعيم العظيم، ومن الأنهار، من هذه النافذة العظيمة في القبر.

مع العلم بأن القبر روضةٌ من رياض الجنة، أو حفرةٌ من حُفَر النار[10]، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكةٌ سُود الوجوه، معهم المُسُوح، والمُسُوح: أكفانٌ من النار، فيجلسون منه مَدَّ البصر ويراهم، كل ميتٍ يراهم كما بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح.

ثم يجيء مَلَكُ الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخطٍ من الله وغضبٍ، فحينئذٍ تتفرَّق في جسده، ولا تُحب أن تخرج، وتسأل الله الرَّجعة، وتتوزع تحت العروق والعَصَب والأظفار، فحينئذٍ ينتزعها ملك الموت، ويقطع العروق والعَصَب.

وحينئذٍ ينطبق عليه أن الملائكة يلعنونه ويضربونه؛ يضربون وجهه وقفاه كما بيَّن الله ​​​​​​​ ذلك، فيقطع معها العروق والعَصَب.

حينئذٍ يلعنه كل مَلَكٍ في السماء، وكل مَلَكٍ في الأرض، ويخرج منه كَأَنْتَن ريح جِيفَةٍ وُجِدَتْ على وجه الأرض، فيُقال له: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقال: فلان ابن فلان بأقبح الأسماء إليه، ثم تُغْلَق أبواب السماء، وما من أهل سماءٍ إلا يسألون الله ​​​​​​​ ألا تصعد هذه الروح من قِبَلهم.

فيصعدون به إلى السماء الدنيا، وحينما يصلون إلى السماء الدنيا تُغْلَق دونه أبواب السماء، وقرأ النبي عليه الصلاة والسلام: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40].

متى يدخل الجمل في سَمِّ الخِيَاط؟

إنه شيءٌ مستحيلٌ أن يدخل الجمل في ثُقْب الإبرة أو في خَرْق الإبرة، هذا شيءٌ مستحيلٌ.

فالكفار والمنافقون لا يدخلون الجنة حتى يأتي الجمل ويدخل في ثُقْب الإبرة، وهذا شيءٌ مستحيلٌ، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

ثم يقول الله ​​​​​​​: اكتبوا كتابه في سِجِّين في الأرض السُّفلى، وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ [المطففين:8].

ثم يسمعون مُناديًا: أرجعوه، فإني عهدتُ إليهم أني منها خلقتُهم، وفيها أُعيدهم، ومنها أُخرجهم تارةً أخرى.

فيُطرح طرحًا إلى قبره، طرحًا بقوةٍ، يقول الله ​​​​​​​: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31]، يُطْرَح طرحًا عظيمًا.

فإذا وصل إلى قبره إذا هو يسمع قَرْعَ نِعَال أصحابه حين يُولون عنه مُدْبِرين، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار، فيقولان له: مَن ربُّك؟ فيقول: هَاهْ، هَاهْ، لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هَاهْ، هَاهْ، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هَاهْ، هَاهْ، لا أدري، فيُقال له: لا دَرَيْتَ، ولا تَلَوْتَ، لا علمتَ، ولا تعلمتَ هذا الطريق، ولا تَلَوْتَ أهل العلم والإيمان وقلَّدتَهم في طاعة الله، ولا تلوتَ النبي إن لم تكن عالمًا: لا دَرَيْتَ، ولا تَلَوْتَ.

ثم يُضْرَب بِمِطْرَقةٍ من حديدٍ، يُقَيَّض له أعمى، أصمّ، أَبْكَم، لا يسمعه فيرحمه، ولا يُبْصِره فيرحمه، ولا يتكلم فيردّ عليه، ولكنه أعمى، أصمّ، أَبْكَم، يضربه بِمِرْزَبَّةٍ من حديدٍ لو ضُرِبَ بها جبلٌ كان ترابًا، فيكون ترابًا، ويا لَيْتَه يكون ترابًا، ولكنه يعود مرةً أخرى، فيضربه ضربةً أخرى، فيَصِيح صيحةً يسمعها كل شيءٍ إلا الثَّقَلَين الجنّ والإنس؛ لأنهم المَعْنِيُّون بهذا العذاب.

وحينئذٍ يأتيه رجلٌ قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنْتِن الريح، فيقول: أَبْشِرْ بالذي يَسُوؤُك، هذا يومك الذي كنتَ تُوعد. فيقول: مَن أنت؟ فوجهك الوجه يَجِيءُ بالشرِّ. فيقول: أنا عملك الخبيث، كنتَ بطيئًا عن طاعة الله، سريعًا في معصية الله، أنا جليسك.

وحينئذٍ يُفْتَح له بابٌ إلى الجنة، وبابٌ إلى النار، فيُقال له: انظر إلى مقعدك من الجنة لو أَطَعْتَ الله؛ تحسيرًا له، حتى يذوق الحسرة والنَّدامة حينما يرى القصور العظيمة، ويرى هذه الجنة العظيمة.

انظر إلى مقعدك من الجنة لو أَطَعْتَ الله، أبدلك الله به هذا، فيقول: ربِّ لا تُقِم الساعة، وينضمُّ عليه قبره حتى تختلف أضلاعُه في قبره.

هذا عقابٌ عظيمٌ في قبره؛ لأن عقاب القبر ثابتٌ بالكتاب والسنة، وهو حفرةٌ من حُفَر النار لمَن عصى الله ​​​​​​​، وروضةٌ من رياض الجنة لمَن أطاع الله تبارك وتعالى.

فعليك بتقوى الله تبارك وتعالى، والثبات على دينه حتى تلقاه وهو راضٍ عنك.

أسأل الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُليا أن يجعلنا وإياكم من الطائعين المُخْلِصين له تبارك وتعالى، وأن يرزقنا الاستقامة على "لا إله إلا الله" حتى نلقاه تبارك وتعالى، وأن يجعل آخر كلامنا من هذه الدنيا "لا إله إلا الله"، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: مَن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة[11].

فعلى المسلم أن يستغلَّ الفرصة من الآن، ويرجع إلى الله تبارك وتعالى، ويتوب من الذنوب والمعاصي، يتوب من الجُرْم والجرائم؛ حتى يفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة، وحتى ينجو من عذاب الله في الدنيا والآخرة، فإن السعادة كل السعادة لمَن أطاع الله تبارك وتعالى، والشَّقاوة كل الشَّقاوة لمَن عصى الله تبارك وتعالى.

ومَقْدَم ذلك بعد خروج الروح كما بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: إذا وُضِعَت الجنازةُ فَاحْتَمَلَها الرجالُ على أعناقهم، فإن كانت صالحةً قالت: قَدِّمُوني، قَدِّمُوني، وإن كانت غير صالحةٍ قالت: يا وَيْلَها! أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كلُّ شيءٍ إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لَصَعِقَ[12]، رواه البخاري.

أمرٌ عظيمٌ، فلو سمع الإنسان جنازةً احتملها الرجال على أكتافهم، وسمع هذا الكلام من هذه الجنازة الميتة، تقول: يا وَيْلَها! أين يذهبون بها؟ وكان أخًا له، أو كان قريبًا له، لو سمع الناس ذلك لماتوا؛ لأن هذا أمرٌ مُفْزِعٌ.

فعلى المسلم أن يتَّقي الله تبارك وتعالى، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: أَسْرِعُوا بالجنازة، فإن تَكُ صالحةً فخيرٌ تُقَدِّمونها عليه، وإن تكن غير ذلك فَشَرٌّ تضعونه عن رقابكم[13].

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُليا أن يُوفِّقنا لما يُحبه ويرضاه، وأن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

وأن يرزقنا التوبة النَّصوح ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى، لا نرجو جزاءً ولا ثوابًا إلا من الله الواحد القهار، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

وصلُّوا وسلِّموا على خير خلق الله نبينا محمدٍ ، فقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالصلاة عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبيك محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين.

اللهم أَعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين، ودَمِّر أعداءك أعداء الدين.

اللهم آمِنَّا في دُورنا، وأَصْلِح ولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمَن خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أَعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين، ودَمِّر أعداءك أعداء الدين.

اللهم مَن أرادنا وأراد الإسلام بِشَرٍّ فاجعل شَرَّه في نَحْرِه، واجعل تدبيره تدميرًا له يا ربَّ العالمين.

اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافِهم وَاعْفُ عنهم، وأَكْرِمْ نُزُلَهم، ووَسِّعْ مُدْخَلهم، واغسلهم بالماء والثَّلج والبَرَد، ونَقِّهم من الخطايا والذنوب كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، وأَبْدِلهم ديارًا خيرًا من ديارهم، وأهلًا خيرًا من أهلهم، وأزواجًا خيرًا من أزواجهم، وأدخلهم الجنة، وأَعِذْهم من عذاب القبر، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أَصْلِحْ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأَصْلِحْ لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأَصْلِحْ لنا آخرتنا التي إليها مَعَادُنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شَرٍّ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله ...

^1 رواه الترمذي: 2307، والنسائي: 1824، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 3333.
^2 ذكرهما ابن الجزري في "الزهر الفائح": ص14 بلا نسبةٍ لقائلٍ.
^3 روى ابن حبان في "صحيحه": 2993 عن أبي هريرة ، عن النبي قال: أكثروا ذِكْرَ هاذِم اللذَّات، فما ذَكَرَه عبدٌ قطُّ وهو في ضيقٍ إلا وَسَّعَه عليه، ولا ذَكَرَه وهو في سَعَةٍ إلا ضَيَّقَه عليه، وحسَّنه الألباني في "التعليقات الحسان": 2982.
^4 رواه البخاري: 6507، ومسلم: 2683.
^5, ^7 رواه أحمد: 18534، والحاكم: 107، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح": 1630.
^6 رواه ابن ماجه: 4262، وأحمد: 8769، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح": 1627.
^8 رواه مسلم: 2684.
^9 رواه أبو داود: 4753، والترمذي: 3120 مختصرًا، والنسائي: 2001 مختصرًا، وأحمد: 18534، 18614، وعبدالرزاق في "مصنفه": 6944، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح": 1630.
^10 رواه الترمذي: 2460.
^11 رواه أبو داود: 3116، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح": 1621.
^12 رواه البخاري: 1380.
^13 رواه البخاري: 1315، ومسلم: 944.