تخطى إلى المحتوى

نبذة

حكمة من خَلْقِك، تكون قد عَرَفْتَ وظيفتك في هذه الحياة الدنيا؛ فإذا عرفت ذلك سعيتَ واجتهدتَ لما يُرضي ربَّك

الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهْدِه الله فلا مُضَلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا  [النساء:1]. 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70- 71].

بيان الحكمة من خلق الجن والإنس

عباد الله؛ إنَّ الله خَلَقَنا في هذه الحياة الدنيا، بل خَلَقَ الدنيا كلها من أجل عبادته، خَلَقَ الجنَّ والإنس من أجل العبادة، من أجل طاعة الله ​​​​​​​ وطاعة رُسله صلوات الله وسلامه عليهم؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].

فعليك -يا عبدَالله- أن تَعْلَم عِلم اليقين أن الله ​​​​​​​ خَلَقَك لعبادته، لا تُشرِك به شيئًا، تعتقد بأنه سبحانه المُستحِقُّ للعبادة، لا إله إلا هو ولا ربَّ سواه، وبهذا تكون قد عَرَفْتَ الحكمة من خَلْقِك، تكون قد عَرَفْتَ وظيفتك في هذه الحياة الدنيا؛ فإذا عرفت ذلك سعيتَ واجتهدتَ لما يُرضي ربَّك، وقُمتَ بما وجب عليك من عبادة الله، وهي اسمٌ جامعٌ لكل ما يُحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة، ثم عليك إذا عَرَفْتَ ذلك أن تعلم أنه يجب على كل مُسلمٍ الاعتقاد الجازم بما أخبر الله به وأخبر به النبي .

وفي هذه الخطبة، سنستمع جميعًا إلى عقيدة المسلم التي إذا تمسَّك بها في الدنيا نجا في الدنيا والآخرة، وكتب الله له السعادة في الدنيا والآخرة، وشرح الله صدره للإسلام، ونوَّر بصيرته، وأعاذه من عذابه في القبر، ومن عذابه في الآخرة، ونجَّاه يوم القيامة حينما يقف الناس بين يدي الله .

عقيدة المسلم وأركان الإيمان الستة

أولًا: عليك -يا عبدَالله- أن تعلم بأن هناك أمورًا يجب على كل مسلم اعتقادها، وهي أمورٌ ستةٌ، هي أصول الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرِّه من الله تعالى.

آمنتَ بذلك، وعملتَ بذلك، واعتقدتَ ذلك؛ نجوتَ في الدنيا، وسعدتَ في الدنيا والآخرة، ونجوتَ في الدنيا والآخرة كذلك.

هذه الأمور:

أولًا: الإيمان بالله.

معنى الإيمان عمومًا: التصديق. قال: فلانٌ آمَنَ، أي: صدَّق بقلبه، وجرى ذلك على لسانه؛ لأن الإيمان: هو قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالأركان، بالجوارح؛ يزيد بالطاعة ويَنقُص بالمعصية.

هذا هو معنى الإيمان: التصديق باللسان، وأن تعتقد بقلبك جميع ما أخبر الله به وأخبر به النبي اعتقادًا لا شكَّ فيه، وكذلك بلسانك تَنطِق بما اعتقد به قلبُك، وأن تعمل بجوارحك من: صلاةٍ وصيامٍ وحجٍّ وصدقةٍ وغير ذلك، وتعمل بالجوارح من: ركوعٍ وسجودٍ وغير ذلك.

الجوارح: هي الأركان. الجوارح: الأعضاء.

إذن؛ فمعنى الإيمان: هو الاعتقاد الجازم -الذي لا يخالطه شكٌّ- أن الله ​​​​​​​ هو ربُّ كل شيءٍ ومليكُه، هو الذي خَلَقَنا ورَزَقَنا، وبيده كلُّ شيءٍ؛ فهو الخالق، وهو الرازق، هو المُعطي، المانع، الخافض، الرافع، المُعز، المُذل، يَهَبُ لمن يشاء إناثًا ويَهَبُ لمن يشاء الذكور، أو يزوِّجهم ذكورًا وإناثًا، ويجعل من يشاء عقيمًا، بيده كلُّ شيءٍ؛ إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل:40]، عنده كلُّ خيرٍ كما قال الله ​​​​​​​ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21].

تؤمن بذلك -يا عبدَالله- أن سعادتك وتوفيقك ونجاتك وكل ما تتمنَّاه عند الله ​​​​​​​، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21]، تؤمن بأن الله على كل شيءٍ قديرٌ.

هذا هو الإيمان، ويُقال له: توحيد الربوبية؛ أي: توحيد الله ​​​​​​​ بأفعاله.

توحيد الألوهية.. والإخلاص في العبادة

وتؤمن وتعتقد بأن الله ​​​​​​​ هو المُستحِقُّ للعبادة، وهو توحيد الألوهية، توحيد العبادة؛ فلا تعبد إلا الله، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تستغثْ إلا به، ولا تذبح إلا له، ولا تُحبَّ إلا له، ولا تُبغِض إلا له، ولا تمنع إلا له، ولا تُزوِّج إلا له، ولا تَبِعْ وتشترِ إلا له، ولا تمنع أي شيءٍ إلا من أجله.

هذا يُقال له: توحيد الألوهية، توحيد العبادة، تُخلص العبادة لله ​​​​​​​؛ ولهذا قال الله : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162- 163]، يقوله الله ​​​​​​​ للنبي فلا تذبح إلا لله، ولا تَنْذُر إلا لله، ولا تخضع إلا لله، ولا تستغثْ إلا بالله، ولا تَخَفْ إلا من الله، ولا تعمل أي عملٍ إلا لله، من العبادة، هذه العبادة التي إذا قام بها الإنسان المسلم فقد آمن بالله ، توحيد الألوهية، وهو العبادة.

وكذلك تَعْرِف ربَّك، مَن ربُّك؟

هو الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، هو الله الخالق البارئ المُصوِّر، له الأسماء الحُسنى، يُسبِّح له ما في السماوات وما في الأرض، هو الله تبارك وتعالى، القادر على كل شيءٍ، هو الله ​​​​​​​ الذي قد اتَّصف بالأسماء الحُسنى والصفات العُلى.

ولهذا على المسلم أن يعتقد ذلك: يعلم بأن الله بكل شيءٍ عليمٌ، ويعلم بأن الله على كل شيءٍ قديرٌ، ومن أسمائه: القدير، ومن أسمائه: العليم، ومن صفاته: العلم، ومن صفاته: القدرة. يعلم بأن الله الحكيم، من أسمائه: الحكيم، ومن صفاته: الحكمة، يضع الأشياء في مواضعها. وكذلك من أسمائه: الرزاق، ومن صفاته: الرزق، سبحانه يرزق من يشاء من عباده، وأعظم الرزق رزق القلوب بالإيمان والتوحيد والمحبة لله ولرسوله ، هذا هو رزق القلوب، فعليك أن تسأل الله. إذا سألتَ الله وقلتَ: يا رزَّاق ارزقني، فاقصد بذلك، وأنت تقصد به رزق الإيمان والرزق الحسي؛ لأن الله هو الرزاق، هو الذي رزق الأنبياء وأتباع الأنبياء بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح، فإذا كنت تراقب الله..

لا تَنَمْ يا أخي، لا تَنَمْ. اسمحوا لي، اعذروني، أيُّ واحدٍ ينام أنا أقول له: يا فلانُ قُمْ، يعني: هذا من صفاته، يعني: لا بأس إذا قام يقول: قُمْ يا إمامُ، قُمْ يا فلانُ، قِفْ. فما يجوز للإنسان أن ينام، هذا عِلمُ عقيدةٍ، تعلَّم كيف خَلَقَك الله للعبادة، خَلَقَك ​​​​​​​ ليبتليك. فعليك أن تنتبه، لا تَنَمْ؛ فإنَّ مَن نام في الخطبة فحينئذٍ لا صلاةَ له إلا أن يتوضأ.

فيا عبدَالله، عليك أن تعلم ذلك، تعلم بأنه الرزاق، تعلم بأنه ​​​​​​​ بيده كل شيءٍ، قلبك مُعلَّقٌ بالله، كما قال النبي : اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا مُعطيَ لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ[1]. إذا منعك الله الرزق، فمَن يعطيك؟! إذا منعك الله الصحة وأرسل على البعيد الشقاء والذل والهوان، فمن يعطيه؟! اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا مُعطيَ لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ. 

إذا كان الجَدُّ هو: الغنى والحظ والنصيب في الأموال وفي الجاه، وغير ذلك، فالجَدُّ حظٌّ؛ فصاحب المال لا ينفعه مالُه إلا بطاعة الله، وصاحب الجاه لا ينفعه جاهُه إلا بطاعة الله وطاعة النبي .

كُن مُعلِّقًا قلبك بربك ​​​​​​​، اجعل قلبك مُعلَّقًا بالله. إذا كنت تمشي في الطريق، فاعلم بأن الله يراك، تعلم بأنك مُراقَبٌ من قِبل الله؛ يراك، يرى حركاتك. إن كنت في البرِّيِّة، إن كنت في الأودية، إن كنت في الشعاب، وليس هناك أحدٌ؛ فاعلم بأن الله يراك، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7]، وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]، ما يخفى عليه خافيةٌ.

يا عبدَالله، اتقِ الله. إن كنت في البرِّيَّة، إن كنت في الصحراء، إن كنت في الليل المُظلِم، لا قمرَ، لا نورَ، لا شمسَ؛ فاعلم بأن الله يراك .

 إذا ما خَلَوْتَ الدهر يومًا، فلا تَقُلْ: خَلَوْتُ، ولكنْ قُلْ: عليَّ رقيبُ
ولا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ ساعةً ولا أنَّ ما تُخْفِي، عليه يَغِيبُ[2]

فعليك أن تؤمن بذلك يا عبدَالله!

الإيمان بالملائكة

والإيمان بالملائكة: أن تؤمن بالله وملائكته، تؤمن بأن لله ملائكةً، مَلَكًا يكون عن يمينك ومَلَكًا عن يسارك، يكتبان السيئات والحسنات، وملائكةً من أمامك وملائكةً من خلفك، يحفظونك بأمر الله، قال الله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11].

تؤمن بالملائكة، بمن سمَّى اللهُ منهم، كجبريل عليه السلام، وإسرافيل، وميكائيل المُوكَّل بالقَطْر، وغير ذلك من الملائكة الذين ذَكَرَهم الله في كتابه وذَكَرَهم النبي عليه الصلاة والسلام. 

وإن لم تكن تقرأ، فتؤمِن وتُصدِّق وتعتقد اعتقادًا جازمًا بأن لله ملائكةً لهم أعمالٌ، يراقبونك، يكتبون عليك السيئات والحسنات، كما قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]. كل شيءٍ تتكلم به يُكتب عليك، مكتوبٌ وتنساه، يوم القيامة تجده مكتوبًا، كل شيءٍ حتى أكلك وشربك، لكن لا يُعاقَب الإنسان على الكلام المُباح، وإنما يُعاقَب على السيئات ويُثاب على الحسنات إن شاء الله.

اعلم بذلك يا عبدَالله، وتعلَّم بأن لله ملائكةً؛ منهم مُنكَرٌ ونَكِيرٌ، ومنهم خَزَنةُ الجنة ومنهم خَزَنةُ النار، وغير ذلك.

تؤمن بالملائكة وأنهم كثيرٌ، كما قال النبي عليه الصلاةوالسلام: أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلا ومَلَكٌ ساجدٌ أو راكعٌ[3].

اعلم بأن هناك من يَعبُد اللهَ غيرُك؛ ملائكةً. عليك أن تؤمن بالغيب، أنت لم ترهم، ولكن صدِّق رسولك عليه الصلاة والسلام، هذه من الأمور الغيبية، مَن لم يؤمن بذلك فليس من المُسلِمين. هذا إيمانٌ لا بُدَّ منه: تؤمن بالملائكة، تؤمن بالله وملائكته وكتبه.

الإيمان بالكتب السماوية

يؤمن الإنسان بالكتب التي أنزل الله على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، إجمالًا وتفصيلًا.

إجمالًا: يؤمن بكل كتابٍ تكلَّم الله به على ألسنة رُسله عليهم الصلاة والسلام، فيؤمن به.

وأعظم الكتب: هذا القرآن العظيم، كلام الله، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57]، وقال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [فصلت:44]. هذا القرآن العظيم تؤمن به، وتُصدِّق بأنه كلام الله، منه بدأ وإليه يعود، يعود إليه في آخر الدنيا حينما تقوم الساعة، فإذا قامت يصبح الناس وإذا المصاحف بيضاءُ، يرجع القرآن إلى ربه الذي تكلَّم به سبحانه، تؤمن بذلك.

فعليك أن تؤمن بالكتب التي أنزل الله على الأنبياء، وأن آخر هذه الكتب هو القرآن الكريم، والعمل بالقرآن الكريم الآن، أما الكتب السابقة التي أُنزلت على الأنبياء فهي في عهدهم صحيحةٌ. أمَّا نحن فلا نعمل إلا بهذا القرآن الكريم، ونُصدِّق بالكتب التي أُنزلت على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

الإيمان بالرسل

ورسله: تؤمن بأن الله بعث الرُّسل عليهم الصلاة والسلام للأمم، أممٌ كثيرةٌ بعث الله إليهم رُسلًا عددهم لا يُحصيه إلا الله، ذَكَرَ الله منهم خمسةً وعشرين نبيًّا في القرآن، وغيرهم كثيرٌ ممن لم يَذْكُرهم. فأنت تؤمن بكل رسولٍ أرسله الله بشيرًا ونذيرًا، يدعو الناس إلى لا إله إلا الله، إلى أنه لا معبودَ حقٌّ إلا الله ​​​​​​​.

الإيمان باليوم الآخر

وتؤمن بغير ذلك مما أخبر الله به عن اليوم الآخر، وما أخبر الله تعالى به فيه من الأمور التي بيَّنها في كتابه، وبيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام في سُنَّته عليه الصلاة والسلام.

تؤمن بأن الله خَلَقَ الخَلْق لعبادته، وأعدَّ لهم جزاءً، وأعدَّ ثوابًا، وأعدَّ لمن أطاعه الجنة، وأعدَّ لمن عصاه جهنم: النار وبئس القرار.

تؤمن بأن هذا هو جزاء المُحسِنين: الجنة، وجزاء المُجرِمين الظالمين المُعتدِين: جهنم؛ كما بيَّن ذلك في كتابه، وبيَّنه النبي عليه الصلاة والسلام.

تؤمن -أي: تُصدِّق وتعتقد- بأن هذه الأمور الغيبية التي أخبر الله بها هي صدقٌ لا شكَّ فيها. 

الإيمان بالموت وما بعده

فمِن الإيمان بذلك: أن تؤمن حينما يأتي مَلَكُ الموت، وكل الناس يؤمنون بالموت، لكن عليك أن تؤمن بما أخبر الله به، وأن المؤمن يُبشَّر برضوان الله وبرحمته وبالجنة عند الموت، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30- 31].

تؤمن بأنه يأتي مَلَكُ الموت فيقول: يا أيتها النفس، اخرجي أيتها النفس الطيبة إن كُنتِ من المؤمنين الصادقين، فالملائكة يُبشِّرونك عند الموت بالجنة وبرضوان الله وبرحمته، فتفرح؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: مَن أَحبَّ لقاء الله أَحبَّ الله لقاءَه، ومَن كَرِهَ لقاء الله كَرِهَ الله لقاءه ...، فَسُئِل النبي عليه الصلاة والسلام: أهو الموت؟ فكلُّنا يكره الموت، قال : لا يا عائشة، ولكن المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته؛ أَحبَّ لقاء الله، فأَحبَّ الله لقاءه[4].

وأما الكافر أو المُجرِم، فإنه حينئذٍ -عند الغرغرة- يكره لقاء الله حين يسمع كلام الملائكة، حينما يُبشَّر بغضب الله وسخطه والنار؛ فحينئذٍ يكره الله لقاءه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

الإيمان بعذاب القبر ونعيمه

تؤمن بأنك إذا وُضعتَ على النعش وعلى السلالم وحَمَلَك الرجال على أكتافهم، أنك تتكلم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إذا احتمل الرجالُ الجِنازةَ على أعناقهم، فإن كانت صالحةً قالت: قدِّموني قدِّموني -لما ترى من الكرامة- وإن كانت غيرَ ذلك قالت: يا ويلها، أين يذهبون بها؟!فعليك أن تؤمن بهذا يا عبدَالله، عليك أن تؤمن بأن الناس إذا حَمَلُوك على أعناقهم يذهبون بك ليُصلُّوا عليك أو إلى المقبرة، أنك تتكلم بهذا؛ فأَحسِن عملك من الآن، فإما أن تقول: قدِّموني قدِّموني، وإما أن يقول: يا ويلي، أين يذهبون بي؟! قال النبي عليه الصلاة والسلام: ولو سمعها الإنسانُ لصَعِقَ[5].

لا تَمَلَّ، لا تَنَمْ، لا تَنَمْ!

إذن؛ لو سمع الإنسانُ لصَعِقَ؛ أي: ماتَ من هذا الهول! تصوَّرْ أنت تَحْمِل ميتًا وتسمعه يقول: "يا ويلي، يا ويلي! أين تذهبون؟!" تصوَّرْ كيف شعورك؟ أبوك أو أخوك -لا قدَّرَ الله- أو قريبك يقول هذا الكلام! وتصوَّرْ لو سمعتَه يقول: "قدِّموني قدِّموني"، ما هو الشعور الذي يكون عندك؟

عليك أن تعلم بأنَّ هذا سيجري عليك، إما الأوَّل وإما الثاني؛ فأَحسِن عملك يا عبدَالله.

وتؤمن بما يجري في القبر من الفتنة -أعاذنا الله وإياكم من فتنة القبر-، والفتنة هي السؤال: مَن ربُّك؟ ما دينُك؟ من نبيُّك؟ حينما تُدفَن يا عبدَالله، ويكون الناس لا يزالون في المقبرة؛ فإنه يأتيك مَلَكانِ شديدا الانتهار، فيسألان: مَن ربُّك؟ ما دينُك؟ من نبيُّك؟

فإن كنتَ مؤمنًا تقول: ربِّي الله، وديني الإسلام، ونبيِّي محمدٌ . أَبشِرْ بالسعادة إن قلتَ ذلك.

وإن كان من غير ذلك؛ من المُجرِمين، من السفَّاكين، من أصحاب المُخدِّرات، ومن الذين استحلُّوا المحارم، الذين قد جاؤوا بناقضٍ من نواقض الإسلام، أو كفروا، أو لم يُصلُّوا، أو كذَّبوا الله أو كذَّبوا النبيَّ ، أو استهزؤوا بالدِّين، أو لم يعملوا بما أمر الله به من التوحيد وعملوا الشرك؛ فإنه يقول حينما يُسأل مَن ربُّك؟ ما دينُك؟ من نبيُّك؟ يقول: ها؟ ها؟ لا أدري؛ فيُقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ويُضرَب بمطرقةٍ من حديدٍ لو ضُرِبَ بها جبلٌ لكان ترابًا، فيصيح صيحةً يسمعها كل شيءٍ إلا الثَّقَلَيْن: الجنَّ والإنس، ثم يُضرَب ضربةً، فحينئذٍ يصيح هذه الصيحة التي بيَّنها النبي .

إذا كان من المُؤمِنين؛ فُتِح له بابٌ إلى الجنة بعد هذا السؤال، بعد أن يقول: ربِّي الله، وديني الإسلام، ونبيِّي محمدٌ ، فيُفسَح له في قبره مَدَّ البصر.. -أسألُ الله لي ولكم التوفيق، ومَدُّ البصر يا عبدَالله: مَدُّ بصرك في أرضٍ ليس فيها جبالٌ ولا أوديةٌ، يُفسَح لك في قبرك ويُنوَّر لك فيه- ويأتيه رجلٌ شابٌّ حَسَنُ الوجه، حَسَنُ الثياب، طيبُ الريح، فيُقال له: مَن أنت؟ مَن هذا؟ فيقول: أَبْشِرْ أَبْشِرْ، فأنا عملُك الصالح، فوَالله لقد علمتُ أنك سريعٌ إلى طاعة الله، بطيءٌ في معصية الله، أنا عملُك، أنا جليسُك، جليسُك في قبرِك.

وإن كان من المُجرِمين؛ جاء رجلٌ إليه، يعني: قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنتِنُ الريح، فيُقال له: مَن أنت؟ وجهُك الذي به شرٌّ! أو كما قال، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، أبشر! أنا عملُك الخبيث، أنا جليسُك -اللهُ أكبر!- ويُضيَّق عليه قبرُه حتى تختلف أضلُعُه في قبره إذا كان من المُجرِمين المنافقين الكافرين.[6]

فيا عبدَالله، عليك أن تؤمن بهذا؛ تؤمن بعذاب القبر، وتؤمن بنعيم القبر، تؤمن بأنك تبقى في قبرك؛ إن كنتَ من المُؤمِنين، فرُوحُك في الجنة، كما قال النبيُّ : إنما نَسَمةُ المُؤمِن طائرٌ يَعْلُقُ في شجرِ الجَنَّة حتى يُرجِعَها اللهُ إلى جسدِه يوم يُبعَثُ[7]وإن كان من الكافرين المُجرِمين المُنافِقين النفاق الأكبر، فإنه في جهنَّم، نسألُ الله العافية.

أهوال يوم البعث

عليك -يا عبدَالله- أن تُصدِّق بهذا، وتؤمن -يا عبدَالله- بأن القيامة الصغرى هي موتتك، قيامتك موتتك. إذا مُتَّ فقد قامت قيامتك الصغرى، والقيامة الكبرى حينما يقوم الناس لربِّ العالمين، يخرج الناس من قبورهم حينما يَنفُخ إسرافيلُ في الصور، فتَرجِع الأرواحُ إلى أجسادها، فيخرجون، وأول مَن يَخرُج من قبره محمدُ بن عبدالله عليه الصلاة والسلام. 

يخرج الناس من قبورهم حُفاةً عُراةً غُرْلاً: لا نعالَ لك، لا ثيابَ لك، غيرَ مختونٍ، يخرجون عُراةً من قبورهم إلى المَحْشَر، يُحشَرون إلى ربهم .

فعليك -يا عبدالله- أن تستتر بطاعة الله وطاعة النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الإنسان عليه أن يعلم ويؤمن بذلك، تؤمن وتعتقد بأن الناس يُحشَرون إلى ربهم إلى الموقف، وأن هذا اليوم -يوم القيامة- مقداره خمسون ألف سنةٍ، كما جاء ذلك في مفهوم الآيات، وكما جاء في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: أن من كان له مالٌ ولم يُؤَدِّ زكاته، فإنه يُكوَى به جبينه وجنبه وظهره، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ، ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[8].

يومٌ يَعْرَق فيه الناسُ على حسب أعمالهم؛ فمنهم من يَعْرَق إلى كعبيه، ومنهم من يُصِيبه العَرَق إلى ركبتيه، ومنهم من يُصِيبه العَرَق إلى تَرْقُوَتِه، ومنهم من يُلجِمه العَرَق إلجامًا.

يومٌ تدنو فيه الشمس من العباد إلى رؤوسهم مقدارَ مِيلٍ: مقدارَ مِيلِ المُكْحُلةِ أو مقدارَ مِيلِ الأرض، الذي يُقاس به الأرض.

يومٌ عظيمٌ، فعليك -يا عبدَالله- أن تعمل لهذا اليوم لطاعة الله ، وتعلم بأن في هذا اليوم هناك أناسٌ يُظلُّهم الله ​​​​​​​ في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه -اللهم اجعلنا وإياكم منهم، في ظلِّ الله، في ظلِّ عرش الرحمن-؛ منهم شابٌّ نشأ في عبادة الله ، ومنهم إمامٌ عادلٌ، ومنهم رجلٌ قلبُه مُعلَّقٌ بالمساجد، ومنهم رجلٌ دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إني أخاف الله ربَّ العالمين، ومنهم مَن تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها لا تَعلَم شمالُه ما تُنفِق يمينُه، ومنهم رجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه.

وزن الأعمال وقراءة الصحف.. والورود على الحوض

عليك -يا عبدَالله- أن تَذكُر هذا، وأن تعتقده، وأنك ستقف في هذا اليوم العظيم، تجد كل شيءٍ عملته، وتؤمن كذلك بالموازين: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۝ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [المؤمنون:102- 103]. الموازين! الميزان تُوزَن به الحسنات التي عملتها من وقت ما خَلَقَك اللهُ، والسيئات؛ فإن رَجَحَ الميزان بالحسنات فأبشر بالسعادة إلى أن تدخل الجنة، وإن رَجَحَتِ السيئات وارتفع الميزان بالحسنات، فهذه الشقاوة.

تؤمن بالصحف التي قد كُتبتْ عليك من وقت ما كُلِّفت، كل شيءٍ كما قال الله : وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ۝ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:13- 14]. تجد كل شيءٍ، كما قال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا [آل عمران:30].

تؤمن بحوض النبي عليه الصلاة والسلام، حوضٌ مسيرة شهرٍ، طوله وعرضه مسيرة شهرٍ، ماؤه أحلى من العسل، لونه أبيض من اللبن، طعمه أحلى من العسل، ريحه أطيب من ريح المسك، كيزانه -أي: آنيته- عدد نجوم السماء، من شَرِبَ منه شَربةً لا يظمأ بعدها أبدًا.

عليك -يا عبدَالله- أن تشعر وتسأل الله شَربةً من حوض النبي عليه الصلاة والسلام، لا تظمأ في هذا الموقف الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين.

شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام يوم الفصل بين العباد

عليك أن تؤمن كذلك في هذا الموقف بأن الشفاعة تُعرَض على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الشفاعة العُظمى، ثم إذا عجز الأنبياء عنها كلهم، أي: عن شفاعة فصل القضاء بين الناس من المُسلمين والكافرين ليُحاسَبوا وتُنصَب الموازين؛ فحينئذٍ يأتي الأمر إلى النبي عليه الصلاة والسلام، يقولون: اشفع لنا إلى ربك، فيستأذن النبي عليه الصلاة والسلام ربَّه ويسجد، يَخِرُّ ساجدًا في هذا اليوم العظيم، فيُقال: يا محمدُ، فيُلهَم التسبيح والتحميد والذكر، يفتح الله به عليه، فيقول الله: يا محمدُ؛ ارفع رأسك، وسَلْ تُعْطَه، واشفَعْ تُشفَّعْ، فيقول: يا ربِّ، أُمتي أمتي، فيقول الله : أَدخِلْ من أُمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب.[9]

عبور الصراط وتصفية النفوس قبل دخول الجنة

صدِّق بذلك يا عبدَالله، صدِّق بالصراط، بمثابة الجسر، بمثابة (الكُوبري)[10] على جهنَّم، النار أسفل الجسر، والجسر منصوبٌ على متن جهنَّم، طوله الله أعلم به، أحدُّ من السيف، وأدقُّ من الشعرة، في ظُلمةٍ لا شمس، لا قمر، لا نجوم، لا نور إلا نور الإيمان، كما قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40].

الناس في ظُلمةٍ، ما معك إلا الإيمان؛ فمنهم من يكون معه نورٌ كالشمس -نور الإيمان، ونور التقوى، ونور الطاعة، ونور المحبة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يكون معه نورٌ كالجبل، ومنهم من يكون معه نورٌ كالنخلة، ومنهم من يكون معه نورٌ كالرجل القائم، ومنهم من يكون معه نورٌ على إبهامه، مرةً يُضيء ومرةً يُطفَأ، ومنهم من يسقط في جهنم، انتهى الأمر! وهم من يَمرُّون على صراط جهنَّم، يمرون عليه، الصراط منصوبٌ على متن جهنَّم، يُوصِل إلى الجنة، مَن لم يَعبُر الصراط سَقَطَ في جهنَّم.

الصراط -كما سمعتم- هو بمثابة (الكُوبري)، منصوبٌ على جهنَّم، مَن سَقَطَ من الصراط سَقَطَ في جهنَّم، أحدُّ من السيف، أدقُّ من الشعرة.

وانظر، ما هناك إلا نور الإيمان؛ فمنهم من يمر عليه كالبرق، كلمح البصر، بسرعة الإيمان، وسرعة محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وسرعة التقوى، وسرعة مُحافظة هذا المُسلم على طاعة الله، ومنهم من يمر عليه كالبرق، ومنهم من يمر عليه كالريح، ومنهم من يمر عليه كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر عليه كركاب الإبل، أي: كمشي الإبل، ومنهم من يَعْدُو عَدْوًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يسقط على وجهه يزحف زحفًا، ومنهم من يسقط على وجهه في جهنَّم.

وعلى حافتَي الصراط كَلاليبُ، كلاليب قد أُمِرَتْ بخطف من أُمِرَت.

وكلام النبي عليه الصلاة والسلام عند هذا الصراط: اللهم سلِّم سلِّم[11].

أمرٌ عظيم يا عبدَالله، عليك أن تعتقد ذلك، وأنه سيَمُرُّ عليك. والله، ثم والله، ثم والله -إيمانًا مكررًا- إنك سترى ذلك ما أخبر الله به، وما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.

فيا عبدَالله، اعتقد ذلك، واعلم بأنك في هذه الحياة الدنيا ما هي إلا أيامٌ ثم تنتقل إلى ما قدَّمتَ من عمل، سواءٌ أكان خيرًا أو شرًّا، ما هي إلا أيامٌ. وإذا مُتَّ وقيل: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ۝ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [المؤمنون:112- 113]، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [الروم: 55]، ما هي إلا أيامٌ قلائلُ. فيا عبدَالله، اعمل لطاعة الله، وابتعد عمَّا حرَّم الله.

ومن الإيمان بذلك: أن الناس إذا مَرُّوا على الصراط، هناك قنطرةٌ بين الجنة والنار، مكانٌ يقف المؤمنون فيه، مَن تجاوز هذا الصراط فقد نَجَا من جهنَّم. ولكن هناك أشياءُ بين المؤمنين، حزازتٌ في النفوس بين بعضهم، فيُوقَفون على قنطرةٍ بعد الصراط يقتصُّ بعضهم لبعضٍ، حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم على أحدٍ منهم شيءٌ مما يكون في النفوس، لا غلَّ ولا حسدَ في الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة.

الإيمان بالجنة والنار هدايةٌ للعمل

من الإيمان: أن تؤمن بأن الله قد أعدَّ الجنة لمن أطاعه، أعدَّ الجنة فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بَشَرٍ، أعدَّها الله لمن أطاعه. 

فيها خيمةٌ من لؤلؤةٍ لكل مُؤمنٍ، خيمةٌ من لؤلؤةٍ الواحدة طولها ستون مِيلاً، وعرضها ستون مِيلاً، من لؤلؤةٍ لكل مُؤمنٍ. 

وفيها لكل مُؤمنٍ من الزُّمرة الأولى زوجتان، يُرَى مُخُّ سوقهما من وراء سبعين حُلةً، كما يُرَى الشراب الأحمر في الزجاج الأبيض. الله أكبر! هذه السعادة ليست كالقاذورات التي تعمل بالدنيا والتي حرَّم الله. فإذا أردتَ هذه الزوجة، فهي زوجةٌ لها صفاتٌ عظيمةٌ، مِن صفاتها هذه الصفة التي بيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام.

فاعلم بأن في هذه الجنة، كما بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام، درجاتٌ لمن أطاع الله وأطاع النبي عليه الصلاة والسلام.

فاعلم بأن في الجنة غُرَفًا، يُرَى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وأفشى السلام، وصلَّى بالليل والناس نيامٌ، ووصل الأرحام، أعدَّ الله  هذا النعيم لمن أطاع الله.

أما النار؛ فيجب الإيمان بأن الله أعدَّ النار لمن عصاه، النار هي نار جهنَّم، وهي أسفل السافلين، تحت الأرض السابعة.

الجنة فوق السماء السابعة، سقفها عرش الرحمن، رزقكم في السماء وما توعدون، الجنة في السماء تحت عرش الرحمن سبحانه وتعالى.

وأهل النار من أهل السفل، وأهل الجنة من أهل العلو، فعليك أن تكون من أهل العلو، لا تكن من أهل السفل.

الإيمان بالقدر

كذلك من الأمور التي يجب الإيمان بها، الإيمان بالركن السادس من أركان الإيمان: القضاء والقدر، وأن الله خَلَقَ المقادير، قدَّر المقادير ، هذا أبيضُ وهذا أسودُ، هذا فقيرٌ وهذا غنيٌّ، هذا رئيسٌ وهذا مرؤوسٌ، هذا مريضٌ وهذا صحيحٌ، هذا كبيرٌ وهذا صغيرٌ، هذا يموت صغيرًا وهذا يموت كبيرًا، هذا ذَكرٌ وهذه أنثى، هذا كذا وهذا كذا.. أمورٌ قدَّرها الله لحكمته وعِلمه ومشيئته وخَلْقه.

فعليك أن تؤمن بالقضاء والقدر، تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، تؤمن بأن المقادير بيد الله.

مراتب الإيمان بالقدر

وعليك أن تعلم بأنه لا بُدَّ من أربعة أمورٍ في الإيمان بالقضاء والقدر:

  • تؤمن بعِلم الله السابق، بأن الله عَلِمَ ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، إن الله بكل شيءٍ عليمٌ.
  • تؤمن بأن الله كَتَبَ كل شيءٍ بعِلمه الذي عَلِمَه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: أولُ ما خَلَقَ اللهُ القلمُ، قال له: اكتب، قال: ما أكتب يا رب؟ قال: اكتب مقادير كل شيءٍ حتى تقوم الساعة[12].
  • تؤمن بمشيئة الله، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما تشاء إلا أن يشاء الله رب العالمين.
  • تؤمن بأن الله خَلَقَ كل شيءٍ، وهو الخالق، الله خالق كل شيءٍ، وهو بكل شيءٍ عليمٌ.

عليك أن تؤمن بهذه الأمور، تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، كما قال الله : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ۝ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحديد:22- 23]، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن:11]

ثمرة الإيمان: التزام الطاعات وترك المُنكَرات

فعليك -يا عبدَالله- أن تؤمن بهذا، وتعلم يقينًا أن كل ما أصابك هو بعِلم الله ومشيئته وحكمته.

وعليك أن تلتزم بطاعة الله، بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله.

عليك أن تلتزم كذلك بالصلاة التي أوجبها الله، فمَن لم يُصَلِّ فليس من المُسلمين، ومَن ترك الصلاة مُتعمِّدًا، فإنه يكون من الكافرين؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: بين الرَّجُل والشِّرك تركُ الصلاة[13].

قُمْ بما أَوجبَ اللهُ عليك من الزكاة، تصوم رمضان، تحجُّ البيت مرةً في العُمر إن استطعتَ، تبتعد عمَّا حرَّم الله، عن الشرك بالله، وعمَّا حرَّم الله من الزنا، ومن القتل، قتْل الأنفس التي حرَّم الله، كما قال الله : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93].

الله أكبر! لا تقتلْ نفسًا حرَّمها الله، ابتعد عن هذا، لا تظلم، لا تَعُقَّ والديك؛ فإنَّ مَن عَقَّ والديه فقد ارتكب جريمةً عظيمةً. لا تَقُلِ الغِيبة والنميمة، لا تأكلْ أموال الناس بالباطل، عليك أن تطيع الله ورسوله.

وختام الأمر: الأمر الذي بيَّنه النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: كلُّكم يدخل الجنةَ إلا مَن أَبَى قيل: مَن يأبَى يا رسول الله؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنةَ، ومَن عصاني فقد أَبَى[14].

أسأل الله ، بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى، أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتَّبعون أَحسنَه؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

***

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والعاقبة للمُتقين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

التحذير من الغفلة وأمراض القلوب

أيها الإخوة، عليكم أن تعلموا بأن هذه الأمور التي سمعتموها، مَن قام بالأوامر التي سمعتموها وابتعد عن النواهي التي نهى الله عنها؛ فله السعادة في الدنيا والآخرة.

وقد رأيتُ بعض الناس يَنْعَسُ في الخُطبة، وهذا خطرٌ عظيمٌ، يدل على أنَّ هناك نفاقًا في القلوب، أو نفاقًا عند بعض الناس، كما قال الله : أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44].

يسمع كلام الله ويسمع كلام النبي عليه الصلاة والسلام ولا يرتاح لذلك، كما قال تعالى: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].

وقال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية:23].

وقال جلَّ شأنه: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]، نعوذ بالله من حالهم!

أسأل الله ​​​​​​​ لي ولكم السعادة في الدنيا والآخرة، والإيمان الكامل بما أخبر الله به وأخبر به النبي صلوات الله وسلامه عليه.

وصلُّوا وسلِّموا على خير خلق الله نبيِّنا محمدِ بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، مَن أطاعه دخل الجنة، ومَن عصاه دخل النار، قال النبي : مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أَبَى[15].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا وإمامنا وقدوتنا محمدِ بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه أبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين.

اللهم آمِنَّا في دُورنا، وأصلح ولاة أمورنا، واجعل ولاتنا فيمن خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنَّا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم طهِّر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء.

اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا، وأزواجنا وذرياتنا، وجميع المؤمنين.

اللهم إنَّا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

اللهم إنَّا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

اللهم إنَّا نسألك الهدى والسداد.

اللهم إنَّا نسألك أن تغفر للمُسلمين والمُسلمات، والمُؤمنين والمُؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيِّك بالرسالة، وماتوا على ذلك.

اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وعافهم، واعفُ عنهم، وأَكرِم نُزُلَهم، ووسِّع مُدخَلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقِّهم من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، وأبدلهم ديارًا خيرًا من ديارهم، وأهلًا خيرًا من أهلهم، وأزواجًا خيرًا من أزواجهم، وأَدخِلهم الجنة، وأَعِذْهم من عذاب النار وعذاب القبر، برحمتك يا أرحم الراحمين.

عبادَ الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يَذكُرْكم، واشكروه على نعمه يَزِدْكم، ولذِكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

^1 رواه البخاري: 844، ومسلم: 477.
^2 ديوان أبي العتاهية، ص: 34
^3 رواه الترمذي 2312، وابن ماجه: 4190، وأحمد في "المسند": 21516 بنحوه، وأبو نعيم في "الحلية": 6/ 269 واللفظ له، وحسَّنه الألباني في "صحيح الجامع": 2449. ومعنى "أَطَّتْ": الأطيط: الحنين والنقيض، والمعنى: أن كثرة ما فيها من الملائكة أثقلتها حتى أنقضتها، وهذا مثلٌ وإيذانٌ بكثرة الملائكة؛ ينظر: الفائق في غريب الحديث للزمخشري: 1/ 49.
^4 رواه البخاري: 6507، ومسلم: 2684.
^5 رواه البخاري: 1380.
^6 بلفظٍ قريبٍ رواه أحمد في "المسند": 18614، وعبدالرزاق في "المصنف": 6944، وابن أبي شيبة في "المصنف": 12432، والحاكم في "المستدرك": 107
^7 رواه النسائي في "السنن الكبرى": 2211، وابن ماجه: 4271، ومالك في "الموطأ": 49، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2373.
^8 رواه مسلم: 987، بلفظ: ما من صاحب كَنْزٍ لا يؤدي زكاته، إلا أُحمِيَ عليه في نار جهنَّمَ، فيُجعَل صفائحَ فيُكوَى بها جنباه وجبينه؛ حتى يَحكُم الله بين عباده، في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألف سنةٍ، ثُمَّ يُرَى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
^9 رواه البخاري: 4712، ومسلم: 194؛  كلاهما مطوَّلًا
^10 جسرٌ يُعبَر عليه. يُنظر: "معجم اللغة العربية المعاصرة" لأحمد مختار عمر: 3/ 1968.
^11 رواه البخاري: 806، ومسلم: 182.
^12 رواه أبو داود: 4700، والترمذي: 2155 بنحوه، وأحمد في "المسند": 22707 بنحوه، والبيهقي في "السنن الكبرى": 20914، وصححه الألباني في "صحيح الجامع": 2018.
^13 رواه مسلم: 82.
^14 رواه البخاري: 7280.
^15 سبق تخريجه.